Author

قطاع خاص «عائلي» «2»

|


هل استئثار المنشآت العائلية على مجريات اقتصاد القطاع الخاص حالة محلية أو حتى خليجية أو عربية؟ عند التمعن نجدها حالة عامة؛ يبدأها شخص عصامي بدريهمات ويقضي عمره في تنميتها ليورثها للجيلين الثاني والثالث شركة تقدر قيمتها بملايين كثيرة، بل إن بعض الشركات العائلية حظيت بنجاح لدرجة أن لها حصة مؤثرة في عديد من الأنشطة مثل الاتصالات وتجارة الجملة والتجزئة والبنوك والزراعة والصناعة والفندقة. هل حدث هذا غفلة أو مصادفة؟ هناك من يعتقد ذلك، لكن لا بد من الإنصاف بالقول، إن دورا مؤثرا في تحقيق النجاح هو للمثابرة والمدارة والإصرار على اقتناص الفرص والصبر عليها. ولا تخلو الساحة ممن حقق ثروته بالالتفاف الثعلبي متسلحا بالخداع وبغمط الناس حقوقهم. أمثال هؤلاء ليسوا عصاميين صانعي قيمة، بل متسلقين ناهبين للخير.
وتبقى الحقيقة الساطعة أن تصدر المنشآت العائلية للمشهد الاقتصادي ليس سمة محلية أو إقليمية بل عالمية، فهناك من يقدر أن التأثير الاقتصادي للشركات العائلية بنحو 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، أي ما يتجاوز 60 تريليون دولار. ولا أجد سببا ألا ينطبق هذا التقدير على وضعنا في المملكة، ولو مؤشرا مبدئيا ريثما ننزّل المؤسسات العائلية قدرها، ونسعى لاقتفاء أثرها في صنع النجاح من العدم. وفي حال استخدامنا التقدير مؤشرا، فهذا يعني أن مساهمة المنشآت العائلية في اقتصادنا السعودي تقارب 75 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي، أي ما قيمته نحو تريليون ريال. نشاط بهذا الحجم يستحق أن يدخل شريكا كاملا لتحقيق "رؤية 2030"، وما دمنا في وضعية مراجعة وتقييم واستحداث البرامج، فيبدو من المبرر القول باستحداث برنامج من برامج تحقيق "الرؤية"، ورغم أن المجال لا يتسع للتفصيل، غير أن هذا البرنامج وعلى الرغم من أنه قد لا يكلف الخزانة العامة مالا يذكر، إلا أنه يجلب معه موارد شتى ولا سيما خبرة المنشآت العائلية، محليا وعالميا في قطاعات متعددة وجغرافيات متنوعة بما قد يفوق التصور. أذكر مرة أني سافرت إلى تشيلي، ونزلت في فندق، فاستقبلوني بترحاب جم ظانين أني من طرف شركة عائلية سعودية شهيرة تعمل في مجال الفواكه، قال لي مدير الفندق: هم من يأتون إلى هنا! ورغم الفترة القصيرة التي قضيتها في زيارتي، إلا أنها كانت كافية لكي أعرف ما تملكه تلك المنشأة السعودية من نفوذ... يتبع.

إنشرها