Author

متى تتحول الشمس الحارقة إلى طاقة متجددة؟

|


عنوان المقال سؤال يتردد في أذهان جميع العرب الذين تصهر جلودهم حرارة الشمس الحارقة في معظم شهور العام، خاصة أن الشمس هي مصدر الطاقة الرئيس على كوكب الأرض. وعلى الرغم من أن المنطقة العربية أكثر مناطق العالم من حيث الإشعاع الشمسي، فإن الشعوب العربية من أقل الشعوب استغلالا لهذا المصدر الذي يمكن أن يعزز التنمية المستدامة في هذه الدول، ويجعلها مصدرة للطاقة الكهربائية الناتجة عن الطاقة الشمسية.
لقد ازداد اهتمام الدول والشركات بالطاقة المتجددة بأنواعها الأربعة: الوقود الحيوي Biofuels المتمثل في تقنيات إنتاج الطاقة من مصادر غير أحفورية، أي من النباتات وبقايا الحيوانات ونحوها؛ والطاقة الشمسية الحرارية Thermal Solar وتعرف بارتفاع تكاليف تأسيس البنية التحتية اللازمة، وهو الأمر الذي يفسر استحواذ الشركات الكبرى للتقنيات في هذا المجال؛ والطاقة الشمسية الضوئية Solar Photovoltaic وهي من المجالات الجديدة نوعا ما، وتميز هذا المجال بانخفاض تكلفته بدرجة كبيرة خلال الأعوام الماضية، وطاقة الرياح Wind وهي من المجالات القديمة والناضجة من حيث تطوير التقنيات.
وبناء على تقرير المنظمة الدولية للملكية الفكرية، فإن معدل نمو إيداع براءات الاختراع في مجال الطاقة المتجددة يرتفع إلى 24 في المائة كل عام خلال الفترة (2006 – 2011) متفوقا على معدل نمو الإيداع العام البالغ 6 في المائة كل عام خلال الفترة نفسها، وتتفوق الطاقة الشمسية بنوعيها (الحراري والضوئي) على المصادر الأخرى. ومن المثير أن الصين تتربع على قائمة الدول الأكثر براءات في مجال الطاقة المتجددة، بل إن أبرز ملاك براءات الاختراع في مجال الطاقة المتجددة ينتمون لقارة آسيا، وتأتي شركة LG الكورية في مقدمة الشركات من حيث عدد براءات الاختراع في هذا المجال وتركز على الطاقة الشمسية، وبعدها «متسوبيشي» Mitsubishi اليابانية وتركز على مجال الطاقة الشمسية كذلك، ثم شركة General Electric الأمريكية في مجال طاقة الرياح، ثم شركة Sharp اليابانية في مجال الطاقة الشمسية، ثم Panasonic اليابانية في الطاقة الشمسية، ثم شركة سامسونج Samsung الكورية في مجال الطاقة الشمسية، وتطول قائمة الشركات التي ينتمي معظمها للصين واليابان وكوريا.
ومن المبهج أن المملكة تتصدر الدول العربية في البحث العلمي والابتكار، ويوجد فيها عدد كبير من محطات الطاقة الشمسية في مدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والمتجددة، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، إلى جانب أكثر من 18 جامعة ما بين الجامعات الرئيسة مثل جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة القصيم، وجامعة الأميرة نورة، وجامعات ناشئة مثل المجمعة وتبوك والجوف وغيرها، إضافة إلى محطات في 16 كلية تقنية تتوزع على معظم المحافظات في المملكة.
وعودا على السؤال الذي طرح في بداية المقال، هل نتوقع نهضة كبيرة للبحث والابتكار في مجال الطاقة الشمسية في الدول العربية عموما وفي المملكة خصوصا؟! في ضوء رؤية المملكة 2030 وما تسعى إلى تحقيقه من أهداف استراتيجية، وبناء على جهود وزارة التعليم في حث الجامعات على رسم استراتيجيات واضحة للبحث والابتكار، فإنني أرى الضوء في نهاية النفق، وأتوقع حدوث تقدم سريع في مجال الطاقة المتجددة عموما والشمسية خصوصا. أما في الدول العربية، فمن المؤسف أن أوضاعها الاقتصادية والسياسية غير المستقرة لا تسمح بتأسيس بنية تحتية محفزة للبحث والابتكار في مجال الطاقة أو المجالات الأخرى.

إنشرها