Author

المكافحة بالعلم

|

يتفق الجميع على أن المملكة مستهدفة من قبل عصابات المخدرات، سواء تلك الممولة من دول معادية أو من عصابات تنتشر في كل مكان. وما كميات الضبط إلا مؤشر مهم على تزايد عمليات التهريب والتصنيع التي تمارس في البلاد. حجم مساحة المملكة هو أهم عناصر المخاطر التي يستغلها المروجون، فالحدود البحرية والبرية التي تتجاوز مسافاتها عشرات الآلاف من الكيلومترات تمثل المنفذ الأساس الذي تمر من خلاله كميات التهريب من الخارج. هذه الكميات هي الأغلب، مع التأكيد على أن الرقابة التي استحدثتها قطاعات حرس الحدود والجهود التي تشارك بها مكافحة المخدرات والجهات المسؤولة عن الجمارك والمداخل تقع في مسارها الصحيح.
يبقى التحدي مهماً في مجال مرتبط، وهو مجال البحث العلمي، الذي يمكن أن تتبناه وزارة الداخلية في مجال الرقابة عن بعد، باستخدام وسائل إلكترونية ومعدات تدار عن بعد، على شاكلة الطائرات بدون طيار والروبوتات، التي تسهم في تحكم أكبر وتكلفة أقل على المدى البعيد. البحث العلمي الذي يجب أن تموله الداخلية موجود على استحياء في بعض الجامعات والجهات الاستثمارية، ولا أشك في أن الدعم الذي يمكن أن تسهم به الوزارة سيحقق نجاحات، لأن أغلب الصعوبات التي تواجهها عمليات البحث في المجال "مالية" بالدرجة الأولى، وقانونية بالدرجة التالية، ثم تقنية، وهذه يمكن تجاوزها إن حلت الصعوبتان الأهم.
إن النظر إلى البحث العلمي في المجال ونتائجه المفيدة سيجعله اقتصاديا في النهاية؛ ذلك أن النجاح في تكوين منظومة حماية أكثر كفاءة، سيؤدي إلى خفض الإنفاق في مجالات أخرى لها علاقة بتزايد كميات المخدرات التي تدخل البلاد، أو تلك التي تصنع بشكل إجرامي داخل البلاد. يتنوع الإنفاق على الحلول بين التكاليف الصحية والشرطية، وخسائر بشرية مادية ومعنوية، وهذا كله مؤثر في مستقبل الوطن بكليته.
كما أن التركيز في عمليات الرقابة والكشف يستدعي ــ هو الآخر ــ مجموعة من المصفوفات العلمية، التي تقارن بين المواقع والأوقات والأشخاص، لتحقيق معادلات ــ خوارزميات ــ يمكن من خلالها تحقيق المعادلة الأفضل، في مجال الربط بين كل هذه المكونات، لإيصال عمليات الرقابة والضبط والعقاب إلى حالتها المثلى. هنا يمكن أن تهتم الوزارة بالإحصائيات وبحوث العمليات وعمل المصفوفات الحاسوبية، التي لا أشك في أنها من ضمن اهتمامات إدارة مكافحة المخدرات، لكنها بحاجة إلى أتمتة أكثر شمولية وتقدما.

إنشرها