Author

البحر الاقتصادي

|

عندما نتحدث عن البحار، فإن الحديث يطول ويطول، فهي تشكل ما نسبته 75 في المائة من مساحة الكره الأرضية ويمر عبرها نحو 80 في المائة من حجم التجارة العالمية. في مقالنا هذا سنركز بشكل أساس على ما يتعلق بالأدوية والعقاقير البحرية. المملكة بموقعها الاستراتيجي تحيط بها البحار المحتوية على الشعب المرجانية والإسفنجيات والطحالب والأعشاب البحرية. كل هذا يحتم النظر في استغلال هذه الثروات في إنتاج الأدوية والعقاقير، دعما لرؤية المملكة 2030، التي تتضمن أهمية الاستفادة من الثروات المتاحة للتقليل من الاعتماد على النفط سلعة أساسية. ولو ألقينا نظرة سريعة على بعض الأدوية المستخرجة من كائنات بحرية، لهالنا الأمر لكثرتها وتنوعها. فسنجد - مثلا - زيت كبد الحوت، تصل مبيعاته الشهرية إلى ملايين الدولارات، ويعد علاجا مهما لمرض الكساح ومصدرا رئيسا لفيتامينات (د) و(أ). عقار الإكتيناسيدين وعقار البسيدو بتروسين المستخدمان لعلاج الالتهابات الجلدية، ينتجان كلاهما من كائنات بحرية. هرمون الكالسيتونين وغيره من الهرمونات المهمة، تنتج من سمك السلمون. بعض الطحالب البحرية غنية هي الأخرى بالفيتامينات. بعض أنواع المرجان يحوي هرمونات مثل هرمون البروستاجلاندين ومشتقاته. بعض الرخويات، مثل خيار البحر، لها خواص مضادة للأورام. الأجار المعروف، والمستخدم بكثرة في الصناعات الصيدلانية والتغذوية، يستخرج من الطحالب الحمراء. الإسفنج البحري ذو اللون الأحمر الفاقع اكتشف أنه ينتج جزيئات يمكن تحويلها إلى أدوية. وكذلك الأعشاب البحرية، فصل منها عديد من المركبات ذات التأثير الدوائي. أصبحت البحار - بالفعل - ميدانا لعلم العقاقير، ومصدرا مهما لإنتاج الأدوية، ويتضح ذلك في أن عددا من المجلات العلمية متخصصة في نشر أبحاث الأدوية البحرية فقط. من هنا، فإن الالتفات لمثل هذا المصدر وإنشاء شركات تملك القدرة الابتكارية لاكتشاف وتطوير الأدوية البحرية، يعد أمرا بالغ الأهمية. وأرى تكوين فريق علمي يتولى جمع المعلومات من البحارة، ممن لديهم ثروة معرفية عن الكائنات البحرية ودرجة سميتها، بل فوائدها الطبية، لأن هذا يفتح آفاقا جديدة للبحث العلمي على غرار ما اكتشف من فوائد لبعض الشعب المرجانية التي تم التعرف عليها من إفادة السكان المحليين في جزر هاواي. هناك مشروع أوروبي كبير يشرف عليه معهد ليميريك للتكنولوجيا، في أيرلندا، يهدف إلى إنتاج مستدام للأدوية اعتمادا على الثروات البحرية. إن البحار والمحيطات تعد مصدرا اقتصاديا لا حدود له، والاستفادة من ثرواتها يفتح آفاقا بشرية واعدة لمستقبل صحي ومشرق.

إنشرها