Author

توليد الوظائف .. شعار العام الجديد

|


لوحظ في الأعوام الأخيرة اهتمام بعض الدول الكبرى بالإعلان عن الوظائف التي تدعي توفيرها في كل عام. ولم تعد تلك الدول تفاخر بإنتاجها الصناعي أو نسبة التعليم فيها مقابل سعيها إلى خفض نسبة البطالة وتوفير فرص العمل حتى لو جاء ذلك على حساب التنازل عن مواقفها السياسية، وذلك كما هو معروف لأغراض انتخابية في المقام الأول. وعلى عكس كل هذه الأهداف، تسعى دولتنا إلى تهيئة فرص العمل من منطلق وطني يقوم على الإيمان بأن أبناء هذه الدولة هم من يستطيعون إعلاء البناء فيها بكفاءة وإخلاص، وأن نماذج التفوق منهم ضربت أروع الأمثلة في جميع التخصصات، من الطب إلى الهندسة بفروعها إلى إدارة المصارف والمؤسسات المالية، ناهيك عن الأعمال الفنية والإدارية الأخرى. بعد هذه المقدمة، أقترح أن يكون شعار العام الجديد 2020 هو "توليد الوظائف المناسبة"، وأركز على المناسبة، لأن وضع نسبة واحدة لتوطين الوظائف في كل القطاعات لن يؤدي إلى النتيجة المطلوبة، وربما أدى إلى شعورنا بالإحباط لعدم تحقيق النسبة. ولعل مسمى الوظيفة يكون له تأثير في إقبال الشباب والشابات عليها. فمساعد طباخ - مثلا - التي أشار تركي الجعويني مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية، إلى السعي لشغلها بالسعوديين في المطاعم والفنادق، يمكن أن تكون "إخصائي إعداد أغذية"، والاقتراح ليس لي، إنما للزميل عبدالسلام اليمني في مداخلة له أثناء لقاء كتاب الرأي مدير عام صندوق "هدف". والشيء الذي يسر، أن هذا الصندوق أعد استراتيجية جديدة تحمل كثيرا من البرامج والمبادرات لتمكين أبناء وبنات الوطن ودعم تأهيلهم وتدريبهم وتوظيفهم في بيئات عمل محفزة ومنتجة ومستقرة. والخطوة المهمة التي ركز عليها مدير عام "هدف"، هي أن الصندوق يعمل على تطوير الشراكة الاستراتيجية مع قطاع الأعمال في مختلف المناطق، لزيادة معدلات التوظيف للسعوديين والسعوديات في أعمال مناسبة لهم وفي مناطق إقامتهم. كما أن هناك خطوة مهمة لإنشاء شركة تسمى "أعمال المستقبل"، بحيث توفر أعمالا بدوام مرن للراغبين في ساعات عمل أقل، وهم النساء على وجه الخصوص، وتوفير فرص العمل الحر بسجلات تجارية تصدرها الشركة.
وفي توجه مهم، يقوم صندوق "هدف" بتوقيع اتفاقيات مع الجامعات السعودية لدعم توظيف خريجي تلك الجامعات، وسيقدم الصندوق محفزات ودعما ماليا وتدريبا لمكاتب التوظيف في الجامعات عبر منصة "سبل" الإلكترونية لخدمات الإرشاد المهني، ومنصة "دروب" للتدريب الإلكتروني، ومنصة "تمهير" للتدريب على رأس العمل، والبوابة الوطنية للعمل "طاقات"، كما ستقدم الجامعات خدمات التأهيل للخريجين تلبية لاحتياجات سوق العمل.
أخيرا، توليد الوظائف يجب ألا يكون مهمة جهة حكومية واحدة فقط ثم تتعسر الولادة كما حدث في الماضي، إنما المؤمل أن تقوم به عدة جهات، ويراقب من جهة أعلى في مجلس الاقتصاد والتنمية، الذي يقوم بإدارة الحراك الاقتصادي والتنموي بشكل فاعل. ولن تنجح جهود توطين الوظائف ما لم تراقب عقود Outsource التي تستعملها الشركات الكبرى ستارا لتوظيف غير المواطنين، مع إظهار نسب التوطين لديها بشكل غير صحيح.

إنشرها