Author

تصنيف واعتماد المؤسسات التعليمية .. تأمل وتحليل

|

يكثر الحديث في وسائل الإعلام التقليدي، وكذا في الإعلام الحديث عن المسابقات الدولية، ذات الطابع العلمي، وبالأخص مسابقات العلوم، والرياضيات، وما حققه طلابنا فيها، وذلك على مستوى التعليم العام، ومن أهم الاختبارات المطبقة عالميا اختبار العلوم، والرياضيات المعروف باسم تيمز TIMSS، ويطبق على طلاب السنة الرابعة الابتدائية، والثانية المتوسطة، واختبار القراءة المعروف ببيرلز PIRLS، ويطبق على طلاب السنة الرابعة الابتدائية، واختبار القراءة والعلوم والرياضيات المعروف ببيزا PISA، ويطبق على كل من بلغ الـ15 من العمر، بغض النظر عن المستوى الدراسي الذي يدرس فيه. وتضطلع بتطبيق هذه الاختبارات هيئات دولية، كمنظمة التعاون، والتنمية الدولية، والهيئة الدولية لتقويم الأنظمة التعليمية.
التعليم العالي له نصيبه في عملية التقويم، وإن كان الأكثر شيوعا عبر الإعلام ما يعرف بتصنيف الجامعات الذي تقوم به جهات ذات طابع تجاري، كالمجلات، والصحف، مثل مجلة التايم، وصحيفة «أخبار الولايات المتحدة»، ومجلة «واشنطن» الشهرية، وتقرير برنستون، ومركز «جامعة فلوريدا»، ومركز شنغهاي، وماكلين لترتيب الجامعات، وملحق التعليم العالي البريطاني، وترتيب ستانفورد. تقويم التعليم العالي المؤسسي تقوم به هيئات مختصة، ذات خبرة في المجال، مثل هيئة اعتماد التخصصات الهندسية والتقنية، وجمعية علم النفس الأمريكية، وهيئة الاتصال للتربية الطبية، والمجلس الوطني لاعتماد برامج إعداد المعلمين.
في زيارة لهذه الهيئات تبين لي المهنية، وجودة العمل، والطرق الدقيقة التي تعتمدها للوصول إلى الحقيقة بشأن البرنامج، أو المؤسسة التي تتقدم؛ بهدف الحصول على الاعتماد، إلا أن الأمر، ودقة الحكم يعتمدان على ثقافة العاملين في المؤسسة، والقائمين على تنفيذ البرنامج، ونظرتهم للتقويم، فالبعض ينظر للاعتماد باعتباره شهادة تزين المكتب، ويمكن الكتابة بشأنها في وسائل الإعلام، بغض النظر عن واقع الجودة في المؤسسة، إذ ربما تعاني المنظمة فوضى إدارية، وتقصيرا في تنفيذ المهام، ونقصا في الإمكانات، ومن ثم ضعف في المخرجات. "فوبيا" التقويم التي يعانيها بعض القائمين على المنظمة، أو البرنامج تؤدي بهم إلى إظهار المحاسن، وإخفاء السلبيات؛ لخشيتهم من ربط القصور، وضعف الأداء بهم شخصيا.
التقويم، وما ينتج عنه من إبراز للإيجابيات، وتشخيص للسلبيات تتمثل قيمته فيما إذا نفذ على الوجه الصحيح في تقوية البرامج، وإكساب الناس الثقة في المنظمة لإلحاق أبنائهم بها، ومن الأهداف إثارة التنافس بين المؤسسات التعليمية لخدمة المجتمع بشكل صحيح بدلا من تخريج أفراد يفتقدون المعرفة، والمهارات التي تؤهلهم للعمل بالشكل الصحيح، بما يمثل مكسبا للمجتمع ليرتقي لمستوى المنافسة على المستوى العالمي.
في الغرب، بل في معظم دول العالم تصنف المدارس والجامعات، إذ يوجد المتميز ذو السمعة الجيدة؛ ما يجعلها قبلة للطلاب المتميزين، كما توجد مدارس متوسطة في مستوى برامجها، أما النوع الثالث فهو المدارس الضعيفة، وهذا التصنيف يمكن تسميته بنموذج الواقع الحقيقي للمدارس، حيث تكون المدارس انعكاسا للخلفية الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية للطلاب، ولذا نجد النوع الأول يلتحق به ما يمكن تسميته بالطبقة المثقفة، ذات المال الوفير، والثقافة الواسعة؛ سعيا من الأهل لجعل الأبناء امتدادا للآباء ليستمر مجد الأسرة، وحضورها الاجتماعي. أما النوع الثاني من المدارس فيلتحق به أبناء الطبقة الوسطى، ليكون النوع الثالث من نصيب الطبقة الأقل حظا، وثقافيا، واقتصاديا؛ ليستمر المجتمع في قوالب شبه ثابتة.
أثناء الدراسة في الولايات المتحدة زرت إحدى الجامعات الصغيرة، ولفت انتباهي كثرة الطلاب الأجانب فيها ومن بينهم طلاب سعوديون، وفي حديث مع المشرف على وحدة الطلاب الأجانب حول الموضوع قال بشكل واضح في أمريكا آلاف الجامعات، فيها جامعات قوية، وأخرى متواضعة، والطالب، وبلده هم من يقررون بأي جامعة يلتحق الطالب، ولا ننسى أن بعض الطلاب كل ما يهمه الحصول على شهادة تمكنه من الحصول على عمل حتى ولو لم يتعلم، ويكتسب المهارات اللازمة.

إنشرها