Author

نظرة على قائمة لأكبر 100 شركة

|


تقود الشركات الكبيرة مسيرة الإنتاج في دول العالم، وتوظف نسبة كبيرة من العمالة، وتولد جزءا كبيرا من الناتج المحلي. وتلعب هذه الشركات أدوارا مؤثرة في الحياة والمجتمع والبيئة، كما تطور كثير من التقنيات، وتوفر أعمالا لملايين البشر حول العالم. بدأت الأغلبية الساحقة من الشركات الكبيرة منشآت صغيرة ثم نمت مع الوقت حتى أصبحت شركات ضخمة. وأتى نمو وتضخم الشركات نتيجة لنمو الاقتصادات العالمية والتجارة الدولية، وازدياد المنافسة بين الدول والمنتجين، والتطورات التقنية المتسارعة، وانفتاح الأسواق على الاستثمار الذي يسر وشجع على انتشار سلاسل الإنتاج.
استخدمت قائمة صحيفة الاقتصادية لأكبر 100 شركة سعودية عدة مؤشرات لترتيب الشركات ولم تقتصر على استخدام مؤشر وحيد. وقد رفع هذا من عدالة الترتيب بسبب تأثر المؤشرات بعوامل خارج سيطرة الشركات، كنوع القطاع الذي تعمل فيه الشركات. فاستخدام معيار الإيرادات يصب في مصلحة الشركات التي تنخفض فيها الأرباح مقارنة بالإيرادات كشركات مبيعات التجزئة. أما استخدام إجمالي الأصول فيتحيز لقطاع المصارف الذي تضاف أموال المودعين إلى أصولها، كما ينحاز إلى الشركات التي تعتمد على الائتمان بدرجة أكبر للحصول على الأصول ما يضخم ترتيبها. ظهرت في القائمة خمسة مؤشرات لترتيب الشركات وهي الإيرادات والأصول وحقوق المساهمين ورأس المال وصافي الدخل. ويبدو أنه جرى استخدام ثلاثة مؤشرات في ترتيب الشركات في القائمة وهي الإيرادات وحقوق الملكية والأرباح.
تجاوز إجمالي إيرادات الشركات الواردة في القائمة تريليوني ريال في 2018، وهو ما يمثل نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وشهد إجمالي الإيرادات خلال الأعوام الستة أو السبعة الماضية زيادة كبيرة تصل إلى نحو أربعة أضعاف ما كانت عليه. وجاوز إجمالي إيرادات الشركات الـ100 إيرادات أكبر شركة في العالم وهي وولمارت لأول مرة منذ إنشاء القائمة. من ناحية أخرى تملك الشركات الـ100 إجمالي أصول بلغت قيمتها نحو 5.4 تريليون ريال في 2018. وتقارب قيمة أصول الشركات السعودية الكبرى ضعفي الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وعلى الرغم من ضخامة إجمالي الأصول إلا أنها تقل عن أصول عدد من المصارف العالمية الكبرى التي تتضمن معظمها أموال لا تخص تلك المصارف. إضافة إلى ذلك تجاوز إجمالي حقوق المساهمين لهذه الشركات تريليوني ريال تشكل جزءا كبيرا من إجمالي الثروة في هذه البلاد التي لا تتوافر بيانات عن إجمالي قيمتها. أما بالنسبة إلى صافي أرباح الشركات الكبرى فقد تجاوزت نصف تريليون ريال مشكلة نحو 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولو أضيف إلى صافي الأرباح الضرائب وأجور العمالة لراوحت مساهمة هذه الشركات في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بين 40 و50 في المائة. وحققت ثماني شركات صافي أرباح تزيد على مليار دولار في السنة التي غطتها البيانات.
كانت قائمة أكبر 100 شركة سعودية لا تتضمن الشركات العاملة في أهم قطاع اقتصادي في المملكة وهو قطاع النفط الذي تهيمن عليه شركة أرامكو. وقد أدى إدراج شركة أرامكو في القائمة إلى قفزة كبيرة في جميع بيانات القائمة وهو ما يفسر بشكل كبير الزيادات الكبرى في إجمالي قيم مؤشرات الشركات. وتسيطر الشركة على 65 في المائة من إجمالي إيرادات الشركات الكبرى ونحو ربع الأصول ونصف حقوق المساهمين. كما أنها تحقق ما يقارب 80 في المائة من صافي أرباح شركات القائمة، الذي يعود إلى انخفاض تكاليف استخراج النفط وضخامة الإنتاج وعملها في قطاع الموارد. وتعد شركة أرامكو الأكثر أرباحا على مستوى العالم وتقف في المرتبة الأولى وتقف بمسافة طويلة بعيدا عن شركة أبل وهي الشركة الثانية عالميا في تحقيق الأرباح. ولو استخدم هذا معيار صافي الأرباح لكانت "أرامكو" في المرتبة الأولى على قائمة الشركات العالمية الكبرى ولكنها حلت في المركز السادس عالميا بسبب استخدام معيار واحد في تصنيف مجلة "فورتشن"، وهو إجمالي الإيرادات.
قاد إدخال شركة أرامكو في قائمة الشركات الكبرى إلى زحزحة شركة سابك عن المركز الأول في قائمة الشركات الكبرى السعودية متراجعة إلى المركز الثاني. وحلت "سابك" أيضا ثانية في سوق المال السعودي، كما أنها ثاني أكبر شركة في إجمالي الإيرادات حيث تمثل إيراداتها نحو 8.3 في المائة من إجمالي إيرادات الشركات المائة. تنخفض حصة الشركة ــ مقارنة بـ"أرامكو" ــ في إجمالي أصول الشركات إلى نحو 5.9 في المائة، ولكنها ترتفع قليلا إلى نحو 8.5 في المائة من إجمالي حقوق ملكية الشركات المائة. وتحتل شركة سابك المرتبة الـ252 عالميا في قائمة أكبر الشركات العالمية.
يوجد 12 مصرفا ضمن قائمة الشركات الـ100 ويصل إجمالي أصول تلك المصارف إلى تريليونين وربع التريليون ريال في 2018 أو 42.1 في المائة من إجمالي أصول الشركات الـ100، وهذا متوقع ويعود إلى احتفاظ المصارف بمعظم السيولة في المملكة التي تعود إلى المودعين. وتجني المصارف أرباحا جيدة من إدارة هذه الأصول حيث وصلت إلى نحو 50 مليار ريال في 2018. من جهة أخرى تظهر القائمة تركز كبير لمؤشرات القائمة في أول 20 شركة التي تضم شركات أرامكو وسابك والكهرباء والاتصالات والمصارف. وتسيطر أول 20 شركة في القائمة على معظم إيرادات الشركات الـ100 "87 في المائة" والأصول "88.3 في المائة"، وصافي الأرباح "96.8 في المائة"، وحقوق المساهمين "86.4" في المائة.
تخلو قائمة الشركات الـ100 من شركات التقنية الحديثة، والطاقة البديلة، وصناعة السيارات والطائرات والقطارات والسفن، والأجهزة والمعدات المعقدة، ما يستدعي ضرورة تهيئة البيئة الاقتصادية والتنظيمية والتعليمية لنمو هذه الأنواع من الشركات. وقد تطلب إعداد قائمة الشركات جهودا مشكورة وهو عمل جيد حيث يوفر معلومات وبيانات قيمة للمهتمين بأنشطة الشركات بوجه عام. ولكن حبذا لو تمت إضافة مؤشر عدد العاملين إلى مؤشرات القائمة حتى يتسنى التعرف على مساهمة هذه الشركات في التوظيف. وتضم قائمة الشركات العالمية الكبرى الـ500 مؤشرا لأعداد العاملين. ويشير ذلك المؤشر إلى توظيف "أرامكو" نحو 76 ألف شخص وتوظيف "سابك" نحو 33 ألف شخص. والشركتان تعملان في قطاعي إنتاج المواد الأولية والصناعة وتعتمدان على كثافة رأس المال، لهذا فإن استحواذهما على معظم الأرباح والإيرادات وحقوق المساهمين لا يعني توليدهما معظم الوظائف في شركات القائمة.

إنشرها