Author

«الدنيا لسه بخير»

|


يعتقد كثيرون أن الإيقاع المتسارع للحياة العصرية التي نعيشها تجعلنا نفقد كثيرا من مشاعرنا الإنسانية في ظل الضغوط اليومية والمعيشية، وانشغالنا في اللهث خلف لقمة العيش، بل أحيانا حين يتاح لنا قضاء بعض الأوقات مع الأصحاب والمعارف فسيكون معظم الأحاديث حول القصص الحزينة والمؤلمة والأحداث السيئة، التي يمر بها العالم من حولنا وسيجتهدون في سرد التفاصيل، ما يجعلنا نعتقد أن المشاعر الإنسانية قد احتضرت، لكن على الرغم من كل هذه الروح السلبية التي يمارسها البعض فسيلوح لنا من بعيد أمل جميل يهمس لنا "الدنيا لسه بخير" مصداقا لقول رسولنا عليه الصلاة والسلام "الخير باق في أمتي ليوم القيامة".
الأسبوع الماضي قرأت خبرين جميلين الأول عن شاب اسمه زاهر السماك مهندس كمبيوتر يعيش في الرياض، ما يفعله هذا الشاب سيجعلك عزيزي القارئ تصاب بالدهشة، فهو متطوع لإنقاذ الحيوانات المريضة والضالة والمعذبة كالقطط والكلاب والطيور، التي توشك على الموت بسبب تعذيب أو دعس أو مرض أو غيره وحين تشفى يبحث عن أشخاص يتبنونها. شاهدت له مقطع فيديو من ضمن عشرات المقاطع المنتشرة له وهو يعالج كلبا مشلولا أخبره الأطباء البيطريون أن شفاءه مستحيل ورغم ذلك اعتنى به حتى استعاد عافيته تماما، هذه الرحمة التي تسكن قلب زاهر تمنحنا إحساسا جميلا بأن "الدنيا لسه بخير"!
الخبر الثاني عن شابة يتيمة مصرية اسمها علا وشاب مصري يتيم اسمه أسامة عاشا في دور الأيتام منذ صغرهما نشأت بينهما قصة حب جميلة قررا أن يتوجاها بالزواج، لكن كان يحزنهما أن الحضور في ليلة زفافهما سيقتصر على أصدقائهما والمسؤولين في الدار. أحد أصدقاء أسامة قرر أن ينشر قصتهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكتب في رسالة قصيرة، "شابان سيتزوجان ولا يوجد من يحضر زفافهما" وقام بوضع تاريخ الزفاف ومكانه في مدينة طنطا في مصر، حظيت الرسالة بتفاعل كبير ولقيت صدى إنسانيا واسعا، وفي ليلة الزفاف حدث ما لا يتوقعه أحد فقد تدفق ستة آلاف من أهالي طنطا إلى قاعة الحفل يحملون الورود والهدايا للعروسين واحتشد الباقون في الساحات الخارجية وفي ليلة واحدة أصبح أهل مدينة بأكملها أهلا لهذين العروسين اليتيمين!
مثل هذه الأخبار الجميلة تجعلنا نؤمن أن المشاعر الإنسانية ما زالت تتدفق في قلوب الناس رغم الحياة المادية التي نعيشها وأسلوب المعيشة المتسارع والضغوط من حولنا. جميعنا نحتاج شيئا من الرحمة والطيبة والحنان واللطف والتسامح والمحبة لأننا بشر نمتلك أحاسيس ومشاعر فلندعو الله أن تظل الدنيا دوما فيها خير.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها