Author

معارض القراءة

|

تحتفل مدن المملكة بمعارض الكتاب وهي عادة بدأت منذ عقود في بعض المدن، وتحقق مردودا جيدا للمشاركين وتحظى - في الوقت نفسه - بكم غير قليل من النقاش والحوار حيال أمور الكتابة وموضوعاتها ونوعية الكتب ومصادرها. هذا نقاش تجاوزه بعض المعارض، لكنه يستمر في الظهور في أوقات معينة مسهما في جذب مزيد من المراقبين والزوار لهذه المعارض.
هل يدحض هذا نظرية الشعب الذي لا يقرأ. الواقع المشاهد يقول إن الناس تقرأ، لكنها لا تقرأ بالطريقة التقليدية السابقة، وإنما تتجه الأغلبية نحو قراءة ما يظهر في شاشات أجهزتهم، وهنا تعود المفارقة والاختلاف للسيطرة على النقاشات المتعلقة بالقراءة مرة أخرى. الفرق أننا اليوم في موقع يعطينا مزيدا من التحكم في قرارات القراءة التي نتخذها، فهناك مليارات المواقع والرسائل والمقاطع التي يتعرض لها كل فرد منا. بل إن التطبيقات الذكية والمواقع "الأذكى" تدرس شخصية من يتعامل معها وتتعرف على اهتماماته، ولا أشك في أنه يمكن لأي شركة من شركات المعلومات أن تقدم سيرة كاملة عن الشخص واهتماماته وتفكيره وبرنامج حياته حتى أصدقائه وماذا يمارس في العلن والخفاء، وهذا أمر وضع شركة جوجل أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي في سابقة تحاول معها الدول أن تعرف ما يدور فيها وكم الاختراق الذي حققته الشركات في حياة الناس والمسؤولين، حتى الإدارات الحكومية.
يذكر الجميع قضية 5G وما سببته من نزاع بين أقوى اقتصادين في العالم وهذا يوضح كم الخوف الذي يجب أن نتعامل معه في عصر تسيطر فيه المعلوماتية على كل شيء، ويفقد كل صاحب ميزة ميزته ويصبح الأمن السيبراني أهم بكثير من الأمن المادي الذي كانت الدول والشركات تهتم به.
تأتي هذه الهموم متزامنة مع المطالبة بتغيير نمط العروض المصاحبة لمعارض الكتاب التي تنتشر لدينا، لتحولها إلى معارض القراءة، فلا المحتوى هو نفسه ولا طريقة العرض هي نفسها، ولا الهموم المتعلقة بالكتاب ومنظومته هي التي تؤثر في القارئ اليوم. إن إعادة تسمية هذه المعارض بمعارض القراءة يسمح بدخول تلك المكونات التي نفتقدها في معارضنا، وقد تسهم في مزيد من الحضور والمنافسة والتطوير المهم والأساسي للمعارض لتماشي روح العصر الحديث وواقعه.

إنشرها