Author

البحث العلمي في القطاع الخاص

|

تعيش المجتمعات حالة من التغيير السريع الذي يطول كل شيء في الحياة. هذا التغيير هو السمة المميزة لهذا العصر، وأساسه حالة من التقدم العلمي المتسارع والتنافس المعرفي الذي تظهر نتائجه فورا في كل شيء حولنا.
كان الاهتمام في سالف الأزمان بالعلم كمادة والبحث العلمي كوسيلة لتعميق هذه المعرفة، لم يكن الربط بين الاقتصاد والبحث العلمي موجودا أو مهما. بل إن كثيرا من الجامعات ومعاهد البحوث كان يدار بنظرية الاستهلاك غير المقنن والبعيد عن مفاهيم المردود المادي. هذه النظرية لا تزال تؤثر في البحث في كثير من المؤسسات البحثية.
ثم إن البحث كان من اهتمامات الدول بمؤسساتها المختلفة، والقطاع العام لم يكن مهتما بتحقيق توازنات مالية في السابق. كل هذا جعل تأثير البحوث مرتبطا بعناصر بعيدة عن الخدمة التي يشهدها السوق ويراها المستهلك. هل كانت هذه النظرية نرجسية أبعدت المؤسسات البحثية عن المستفيدين من الخدمات النهائية لكل شيء؟ سؤال تأثر كثيرا بالتغيير المستمر والقلق الذي ينشأ مع انخفاض الدعم وتوقف الأموال من دخول الحسابات المصرفية للمؤسسات البحثية.
الواقع أن التغيير المهم بدأ في فترات توجهت فيها الشركات نحو البحث العلمي والاستفادة من المختبرات ذات التكاليف الكبيرة في الجامعات ومراكز البحوث. كانت الشركات تبحث عما يفتح لها الأسواق من جديد ويرفع حصصها في الأسواق، التي تنافس فيها، مؤديا إلى ربط العمل العلمي بالنتائج المرجوة على شكل مادي يستفيد منه المساهمون في هذه الشركات. ففي النهاية كانت الميزانيات التي تصرف في مجال البحث تحت عين ومراقبة وتحقيق المراجعين الداخليين والخارجيين، ومن بعدهم المساهمون.
هذا الربط الفعال بين البحث والمردود الاقتصادي، حول العمليات في كثير من المختبرات ومراكز البحوث إلى تنافس محموم يستهدف الحصول على التمويل لفكرة أو منتج وهو أمر استمر في التأثير في القرارات، وإن لم تبد الأمور على هذا النحو في الأساس. ثم تطورت الفكرة لتمول الشركات كراسي بحثية في المجالات التي تهمها وتدعم وضعها في السوق - حتى وإن بدت على شكل الخدمة المجتمعية للمشاهد من الخارج.
وفي تطور مفهوم أصبحت الشركات تنشئ معاملها ومختبراتها ومراكز بحثها الخاصة وكل هذا مبني على مؤشرات مالية واقتصادية واضحة وتقع تحت عين مجالس الإدارة والمساهمين.

إنشرها