Author

من يحب الوطن أكثر؟

|

للوطن والمواطن قيمة لا تضاهيها قيمة، فالتجمعات البشرية المتحضرة على تنوعها تقوم لتحقق المبدأ السامي وهو عمارة الأرض. وكل "عود" في "حزمة" التجمع البشري المتحضر والمنتج يسهم في عمارة الأرض، ولذا فما يجمع الناس الأسوياء هو أن يتعاضدوا معا، فتتكامل جهودهم لتحقيق مصلحتهم العامة.. ولذلك، ليس عقلا أن يقوم "عود" من "الحزمة" بعمل معاد أو مناهض أو مخرب لمصالح "الحزمة". ورغم صعوبة إثبات أن أحدا يمكن أن يخون وطنه، إلا أن هناك من لا يعبأ بإلقاء التهم جزافا رغم أن ليس له صفة للتحقيق والتحقق ولا لنسب التهم، فهناك سلطات مختصة ومخصصة لهذا الأمر، فالتجاوز على ولاء مواطن لوطنه لا يقل عن التجاوز على عرضه وشرفه، فإذا خاض كل في ولاء الآخر لوطنه دون أن يردع هان أي تجاوز بعد ذلك؛ فالخيانة فعل شائن لا شك، فكيف إن كانت خيانة للوطن؟ لذا، فهذا أمر يجب أن يجرم حتى مجرد اللوك فيه، ولا بأس أن تخصص محكمة أو لجنة شبه قضائية للنظر في التجاوزات، إذ إن الأمر يتعدى انتهاك الشرف الوطني لشخص بعينه إلى تغذية النعرات وإشعال المشاحنات والمزايدات حول الوطن، يتبعها تراشق الاتهامات وتبادل ينهك القوى ويؤجج المشاعر السلبية ويشغل الناس فيما لا طائل منه. وحتى لا يضيع الأمر، فمن يتصور أن لديه شكاية حول تجاوزات مواطن وولائه فليلجأ إلى السلطات المختصة ليقطع قول كل خطيب.
وعودة إلى الأعواد والحزمة، أتصور أن تحديات النمو والتنمية تشخص أمامنا بقامتها السامقة، أما الوقت فعجلته لا يوقفها جدل ولا يعيقها ظرف أو ربيع أو خريف، وهناك مزيد من المواطنين يولدون كل يوم. تلك متطلبات عظيمة بحاجة إلى كل خلاصة فكر ودقيقة جهد.. فكيف إذا أضفنا أن لنا كبلد مصالح في إقليمنا وفي الدوائر العربية والإسلامية والدولية.. وأضفنا أن تنفيذ تطلعاتنا وطموحاتنا التي أودعناها "رؤيتنا" حتى عام 2030، والاستراتيجيات ذات الصلة، جميع هذه الأمور يتطلب إنجازها همما عالية وجهودا دائبة.. كل تلك الرغبات تتراكم شامخة أمام كل منا لتقول، إما أن نكافح لننجز وإما أن نقضي الوقت في نقاشات لإثبات "من يحب الوطن أكثر.." لماذا لا ننهي الموضوع ونقول معا، "أنا أكثر.. وأنت أكثر"، فالإخلاص للوطن يترجم جهدا وإنجازا وإبداعا منتجا وليس مجرد "سواليف".

إنشرها