Author

الجمعيات الخضراء بين الرعاية والإهمال

|


العمل التطوعي من الأنشطة النبيلة التي تعكس ميل الإنسان للعطاء من أجل مساعدة الآخرين وخدمة المجتمع. ونظرا لأهمية العمل التطوعي ودوره في دعم التنمية المستدامة، تهدف رؤية المملكة 2030 إلى الوصول إلى مليون متطوع في القطاع غير الربحي بحلول 2030.
وتزداد أهمية تشجيع العمل التطوعي إذا علمنا ما تتعرض له البيئة الصحراوية من تدمير نتيجة أنشطة الإنسان على مستوى الأفراد والمنظمات. فعلى سبيل المثال، يقوم بعض الشركات المنفذة للمشاريع الضخمة باستغلال الأراضي في محيط مشاريعها استغلالا سيئا، وتدميرها من الناحية البيئية، دون تحمل مسؤولية إعادتها إلى وضعها الطبيعي. كما يقوم ملاك الأغنام والمواشي بممارسة الرعي الجائر في مناطق معينة بما يفوق حمولتها الرعوية، ما يؤدي إلى تصحرها وتفكك تربتها ومن ثم فناء الشجيرات الموجودة بها. وبالمثل يقوم ضعاف النفوس بقطع الأشجار الخضراء واقتلاع الشجيرات التي تنمو في الكثبان الرملية مثل "الأرطى" و"الغضا" و"الرمث" ونحوها. ولا يقل عن ذلك تدميرا للبيئة الصحراوية بمكوناتها النباتية والحيوانية ما يقوم به هواة القنص من "إرهاب بيئي" ضد الكائنات الصحراوية من طيور وزواحف وحيوانات. هذه الأنشطة البشرية حولت الأودية والرياض والجبال إلى مناطق قاحلة خالية من النباتات والأشجار والكائنات الصحراوية. والسؤال المهم: ماذا ترك هؤلاء للأجيال المقبلة؟
على الرغم من كثرة أعداء البيئة، إلا أن هناك أصدقاء كثيرين يستشعرون خطورة التصحر وتدمير البيئة على التنوع الإحيائي خصوصا، والاقتصاد والسياحة والترويح عموما. ومن الرائع أن أعداد هؤلاء تزداد في جميع المجالات، خاصة في مجال المحافظة على البيئة، وتنمية الغطاء النباتي، وحماية الكائنات الموجودة بها من القنص الجائر. وتأتي الجمعيات والرابطات الخضراء في مقدمة هذه الجهود التطوعية الكبيرة التي بدأت تتنامى وتنتشر في معظم مناطق المملكة ومحافظاتها. ورغم حماس الشباب القائمين على هذه الجمعيات، إلا أنهم لم يمنحوا الدعم المناسب والتشجيع الكافي والرعاية المطلوبة. فعلى سبيل المثال، سقطت هذه الجمعيات سهوا من "دليل الجمعيات والجهات التطوعية في البيئة" الذي أصدرته الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة. كما أن موقع وزارة البيئة والمياه والزراعة يخلو من أي إشارة إلى الجمعيات الخضراء والجهود التطوعية في مجال التشجير وتنمية الغطاء النباتي. ولدعم جهود جمعيات ورابطات البيئة المنتشرة -بحمد الله- في أرجاء مملكتنا الحبيبة، فإن هناك حاجة إلى إيجاد مظلة فاعلة -وليست شكلية- تحضن هذه الكيانات وتسعى لزيادة فاعليتها وتعظيم دورها من خلال تقديم الدعم الفني والتدريب وتوفير المعلومات عن أنواع النباتات المناسبة لأنواع الترب المختلفة وكذلك للبيئات الجبلية والسهلية والرملية في المناطق المختلفة، إضافة إلى التعريف بمواسم غرس الأشجار. ولا يقل عن ذلك أهمية الدعم المادي من خلال حث منشآت القطاع الخاص وتحفيزها لدعم هذه الجمعيات البيئية. ومن المؤسف أن الجامعات غائبة عن هذه الجمعيات والجهود التطوعية في المجتمعات المحلية التي توجد بها الجامعات، على الرغم من الحاجة إلى المشورة العلمية والاطلاع على التجارب الدولية وما توصلت إليه البحوث العلمية في مجال البيئة.
وأخيرا، إن تشجيع التطوع في مجال حماية البيئة والمحافظة على الغطاء النباتي يتطلب عقد ملتقى سنوي لجميع الجهات والجمعيات التطوعية لتبادل الأفكار والتجارب الناجحة، ومن المستحسن منح جائزة لرجال وسيدات الأعمال والشركات الداعمة لهذه الجهود، وكذلك للجمعيات المميزة على مستوى الوطن.

إنشرها