Author

التنافس وحدوده

|

لعل ما حفلت به الساحة في الفترة الماضية من تنافر ومشاكسات بين مشجعي الفرق يذكرنا بأهمية مجموعة من العناصر الحاكمة التي لا بد لكل واحد منا أن يتذكرها، وهو يدخل في التشجيع الرياضي الذي لا ضير فيه ولا أهمية فيه للفرق وإنما للمفهوم نفسه.
عشنا طوال عقود مضت في بيئات تنافسية تبدأ في الصغر بكم كبير من التعبير المنطلق عن حب النادي وأهميته بالنسبة إلى مشجعيه حيث كانوا. كانت البيئة تفرض على كل واحد أن يشجع النادي القريب من مدينته أو قريته، وذلك ديدن أغلب دول العالم التي يكون فيها لكل مدينة فريق رئيس يشجعه الجميع.
مع انتشار اللعبة الأشهر وكثرة متابعيها بدأ التنافس يدخل فضاء الانتشار والتداخل الذي جعل الأندية تعبر المدن لتصل إلى الآخرين، فينتشر المشجعون على خريطة البلاد. من أهم عناصر نشر التشجيع في المدن البعيدة عن مدينة الفريق المنافس هو مرور فرق الدوري على بأغلب المدن، والسبب المهم الآخر هو عدم وجود قاعدة اقتصادية تبنى عليها بعض الفرق، وهذا يؤدي إلى انتشار الفرق القوية في المدن الكبرى لتبقى المدن الصغيرة دون فرق قوية المنافسة. هذه الحالة أنتجت عندنا الفرصة للمشجع المتوازن الذي يمكن أن يشجع أكثر من ناد، فهو يشجع فريق مدينته الصغيرة ويشجع فريقا من الفرق الكبار التي تمر بمدينته مرة أو مرتين في العام بسبب منافسات الدوري. بل إن التغيير طال المدن الكبرى فأصبح كثير من المشجعين في مدن معينة ينتمون – تشجيعيا – لفرق تأتي من مدن أخرى.
هذا اللون الجديد يعني أن هناك كما غير قليل من الوحدة الوطنية والتآخي المهم الذي يجب أن تنشره الرياضة وتحافظ على بقائه لدى الجميع.
الغريب أن نشاهد تجاوز التنافس حدود المعقول، وخروج عمليات تشجيع الفريق عن منطق الدفاع عن الفريق ومتابعته وضمان تحفيز لاعبيه للنجاح، إلى محاولة التقليل من إنجازات الخصوم بل تمني ألا يحقق الخصم أي نجاحات حتى إن كانت خارج البلاد وتصب في النهاية لمصلحة الوطن وكل الأندية المنتمية إليه.
هنا تصبح العملية خطيرة وبعيدة عن الهدف الأهم للرياضة وهو التنافس الشريف، وهذا الأمر يدعوني إلى طلب توضيح العلاقة النسبية بين التشجيع الرياضي، والاهتمامات الأخرى، حتى نضمن أن تبقى العلاقة الوطنية مركزا تدور حوله كل المفاهيم والآراء والتوجهات.

إنشرها