Author

التعافي من التخمة النفطية في مصلحة الجميع

|
مختص في شؤون الطاقة


التخمة النفطية التي عانتها أسواق النفط بوجود فائض مرتفع من النفط هي بلا شك حالة غير مريحة للدول المنتجة للنفط خصوصا الدول التي تعتمد بصورة رئيسة على الإيرادات النفطية، إضافة إلى شركات النفط الصخري الأمريكي التي ليست في أفضل حالاتها بسبب أسعار النفط الحالية. أعتقد أن تشخيص هذه الحالة غير الصحية ضروري وذلك بمعرفة الأسباب التي أدت إليها، وأعراضها وكيفية علاجها، أعتقد أن أهم الأسباب التي أدت إلى هذه التخمة، هي:
أولا: تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي خصوصا الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الصين التي تعد من أكبر الدول استهلاكا للنفط، وما الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة خلال الفترة السابقة إلا أحد الأسباب الرئيسة التي أثرت سلبا في الطلب العالمي على النفط. حيث سجل التبادل التجاري بينهما خلال أيلول (سبتمبر) الماضي تراجعا واضحا بسبب الحرب التجارية والرسوم على السلع، فقد تراجعت الصادرات الصينية إلى أمريكا بنسبة 4.9 في المائة تقريبا مقارنة بالشهر الذي سبقه بما يعادل 37 مليار دولار وهو أقل مستوى خلال الثلاثة أعوام الأخيرة، وفي المقابل انخفضت الصادرات الأمريكية إلى الصين بنحو 10 في المائة وهو أقل مستوى خلال الأشهر الخمسة السابقة.
ثانيا: دخول النفط الصخري الأمريكي منافسا شرسا لا يستهان به، وزيادة إنتاجه المتزامنة مع انخفاض تكلفته الإنتاجية، حيث تجاوز إنتاج الولايات المتحدة من النفط 12.3 مليون برميل يوميا ومن المتوقع أن يصل إلى 13.3 مليون برميل يوميا عام 2020 بحسب إدارة معلومات الطاقة. أما أعراض التخمة النفطية، فهي جلية للجميع، فقد أدت هذه التخمة إلى انخفاض أسعار النفط التي تسببت في عجز
ميزانيات أغلب الدول المنتجة وبنسب ضرر متفاوتة. أعتقد جازما بما لا يدع مجالا للشك، أن جميع الدول المنتجة للنفط داخل "أوبك" وخارجها موقنة أن العلاج الوحيد لهذه التخمة هو "خفض الإنتاج"، وأن الالتزام بذلك لا يقل أهمية عن الخفض في حد ذاته. التخلص من التخمة النفطية أو تخفيف وطأتها لا يصب في مصلحة "أوبك" فقط بل يصب في مصلحة الجميع خصوصا شركات النفط الصخري الأمريكي، حيث إنه على الرغم من وصول إنتاجها إلى أرقام قياسية إلا أن هذا لا يعني ديمومة هذه الصناعة في ضوء الأسعار الحالية.
أرى أن اتفاق "أوبك بلس" الأخير في فيينا لتعميق خفض الإنتاج بما يعادل 500 ألف برميل إضافي ليصل المجموع إلى 1.7 مليون برميل يوميا خطوة مهمة للتخلص من هذه التخمة المزعجة إذا ما تم التزام جميع الدول بالحصص المتفق عليها، وسيدخل حيز التنفيذ مطلع كانون الثاني (يناير) المقبل. في رأيي أن هذا الاتفاق إضافة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي التي تؤكد وصول الولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري مع الصين بالتزامن مع العقوبات على الصادرات الإيرانية التي فقدت نحو 80 في المائة بحسب التصريحات الأمريكية ستؤدي جميعا إلى التخلص التدريجي من التخمة النفطية. أتوقع - والعلم عند الله - أن نرى أسعار خام برنت في بحر الـ70 دولارا قبل نهاية هذا العام وهو رقم -من وجهة نظر شخصية- مناسب للمنتجين والمستهلكين وربما ارتفع هذا الرقم إلى 75 دولارا بنهاية الربع الأول من عام 2020.

إنشرها