Author

كفاءة الإنفاق .. خطة مستدامة

|


تعتمد المملكة على خطة مستدامة وواقعية في مجالات فرض الضرائب والرسوم الضرورية من أجل التنمية وبناء الاقتصاد الوطني السليم والمستدام أيضا، فضلا عن ضرورات الإنفاق في هذا القطاع أو ذاك. والضرائب والرسوم هي حجر الزاوية في البلدان المتقدمة التي تقوم اقتصاداتها على الضرائب بوجه خاص. ولا يمكن لأي اقتصاد مفتوح حر أن يمضي قدما دون هذا الجانب المحوري في تدعيم الاقتصاد الوطني. فقد أثبت التاريخ كيف أن ما كان يوصف بـ"الاقتصادات الريعية" لم يوفر أي ضمانات لمستقبل الأجيال المقبلة، وكان الإنفاق يمضي قدما دون أن تكون مصادره مستدامة، أو معرضة بين الحين والآخر لتراجع مفاجئ. من هنا، تأتي عمليات تمويل الموازنات عبر الضرائب والرسوم، ليس على المدى البعيد بل على المدى المتوسط، لأن كل شيء قابل للتغيير في هذا المجال.
وفي السعودية الأمر ينظر إليه بدقة، خصوصا من جهة عدالة هذه الرسوم والضرائب، ومدى تحمل المجتمع لها، أو مستوى النسب المقبولة. وهناك دول في الواقع "بما فيها بعض المتقدمة" لا تأخذ في بعض الأحيان هذه الاعتبارات حين تعيد مراجعة مستويات الضرائب والرسوم. ولهذا فإن كثيرا من الحملات السياسية تركز على هذا الجانب. وفي المملكة تتم دراسة كل شيء يتعلق بالحالة المعيشية للمواطن، والتطورات الاجتماعية على الساحة المحلية بكل تفاصيلها. فالقيادة وضعت المواطن على رأس الأولويات في كل ميدان، ولا سيما على صعيد الخدمات.
فضلا عن اهتمامها الشديد بإعادة بناء الكيان الاقتصادي بما يوفر ضمانات حقيقية للأجيال المقبلة، ويأخذ في الحسبان بالطبع المتغيرات والاستحقاقات.
محمد الجدعان وزير المالية أكد أنه لن يكون هناك مزيد من الرسوم والضرائب إلا بعد دراسة آثارها المالية والاجتماعية في تنافسية الاقتصاد. هذا هو الموقف الثابت للحكومة حيال هذا الجانب الاقتصادي الحيوي. فأي تحرك على صعيد الضرائب والرسوم، لا بد أن يكون متناغما مع الاستراتيجية الاقتصادية الشاملة المتمثلة في رؤية المملكة 2030. وهذه الأخيرة -كما هو معروف- تهدف إلى استكمال البناء الاقتصادي الذي يليق بالمملكة، من حيث قدراتها وسمعتها ومكانتها. ولذلك هناك كثير من المجالات التي يمكن أن توقف عملية فرض ضرائب ورسوم جديدة في السعودية، وعلى رأسها خفض الإنفاق. وهذه النقطة تركز عليها الحكومة على مبدأ عدم المساس بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
والحق: إن كفاءة الإنفاق في المملكة وصلت إلى أعلى مستوياتها في أعقاب إطلاق "رؤية المملكة"، لماذا؟ لأن المعايير التي تقدمها هذه "الرؤية" في هذا المجال وفرت الأسس التي تستند إليها هذه الكفاءة.
ووفق ذلك، فإن أي مراجعة لخفض الإنفاق تجنبا لفرض ضرائب جديدة، تتم على أساس استراتيجي. دون أن ننسى الموازنة السعودية الأخيرة التي تضمنت إنفاقا كبيرا في مختلف الميادين، لكنه إنفاق استراتيجي، وهي ثاني أعلى موازنة في تاريخ البلاد، بعد أن قفزت فوق حاجز التريليون ريال. لابد من النظر إلى تحركات الحكومة في المملكة حيال الضرائب والرسوم، من منظور استراتيجي، لأن كل شيء يتم على الساحة المحلية مرتبط بهذا الجانب، خصوصا في ظل مسيرة البناء الاقتصادي الشامل، الذي يشهد تقدما يوما بعد يوم، ومشاريع "رؤية المملكة" التي يتم تنفيذها في مواعيدها، وبعضها حتى قبل هذه المواعيد.

إنشرها