Author

ميزانية جودة الحياة .. والمشاربع الكبرى

|


تتميز الميزانية التقديرية للدولة للعام المالي 2020 بأنها تأتي مع الفصل الأخير من برنامج التحول الوطني 2020، وبانتهاء البرنامج تبدأ مرحلة الانتعاش الاقتصادي.. وصولا إلى تنفيذ البرامج المقررة في رؤية السعودية 2030.
وبقراءة تحليلية متأنية للأرقام الواردة في الميزانية نجد أن الميزانية تتوقع أن تحقق إيرادات الدولة مبلغ 833 مليار ريال، وأن يبلغ عجز الميزانية نحو 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وإجمالي نفقات متوقعة 1.020 تريليون ريال مع استمرار العمل لتعزيز كفاءة الإنفاق دون الإخلال بمسار تنفيذ الخطط الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل وتحقيق التحول الاقتصادي.
وفي معرض حديثه عن الميزانية قال وزير المالية محمد الجدعان إن الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة زاد 10 في المائة منذ بداية 2019. وهذا في حد ذاته مؤشر قوي على اقتحام الاستثمار الأجنبي بقوة وتوسع.
ويتوقع ارتفاع نسبة الإيرادات غير النفطية إلى الناتج المحلي غير النفطي لتصل إلى نحو الـ16 في المائة في نهاية عام 2019 مقابل 7 في المائة فقط في عام 2012، ويتوقع الوزير انخفاض العجز في الميزانية للسنة المالية الحالية 2019 ليبلغ نحو 4,7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5,9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام السابق. ومن حديث وزير المالية يلاحظ كيف حققت نسبة الإيرادات غير النفطية قفزات عالية.
ومن حديثه يلاحظ أن سياسة المملكة المالية تهدف إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على الاستدامة المالية، وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، ومساندة مرحلة التحول الاقتصادي وفقا لرؤية المملكة 2030 مع الاستمرار في رفع الكفاءة والفاعلية في إطار الانضباط المالي، ومواصلة تحسين الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، مع تمكين القطاع الخاص ودعم قواعده للانطلاق إلى المشاركة الفعالة في بناء الدولة، إضافة إلى تنويع مصادر الإيرادات الحكومية، ولا بد أن نقف على قرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام المنافسات والمشتريات الحكومية سيعزز من النزاهة والمنافسة ومنع تأثير المصالح الشخصية، وحماية المال العام، مع توفير العدالة للمتنافسين، مما يؤدي إلى تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المتنافسين الذي يمثل أحد أهداف رؤية الوزارة.
كما نلاحظ أن النتائج والمؤشرات الاقتصادية الأولية تعكس تقدما ملحوظا، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدلات إيجابية بنحو 1,1 في المائة خلال النصف الأول من عام 2019 مدعومة بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بنحو 2,5 في المائة للفترة نفسها، وتشير التقديرات الأولية إلى توقع تحقيق الناتج المحلي الإجمالي نموا نسبته 0,9 في المائة في العام الجاري 2019 مع توقع استمرار الارتفاع في معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي، كما يتوقع استمرار التحسن في الأداء لينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ2,3 في المائة في العام المقبل 2020، وهنا نؤكد كيف أن ميزانية العام المالي مستمرة في تنفيذ البرامج والمبادرات لتمكين القطاع الخاص من بناء دوره ليكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، والمساهم الأكبر في إيجاد فرص عمل للمواطنين، وأكد أن عدد مبادرات تحفيز القطاع الخاص بلغ نحو 22 مبادرة متمثلة في تقديم الدعم النقدي والالتزامات والضمانات المالية للتمويل، وذلك عن طريق عدد من الجهات الحكومية المنفذة لها مثل وزارتي المالية، والإسكان، والهيئة العامة للاستثمار وغيرها، والجميل في الأمر والواضح من بنود وبناء على المعطيات أن ميزانية 2020 ستواصل العمل على رفع كفاءة إدارة المالية العامة بما يحافظ على الاستدامة المالية، وتحقيق أعلى عائد من الإنفاق، وفي الوقت نفسه مراعاة التأثيرات المحتملة للتطورات المحلية والدولية أثناء تنفيذ الميزانية، كما ستركز النفقات في ميزانية العام المقبل على دعم برامج تحقيق رؤية السعودية 2030 التي تمثل الأداة الرئيسة لتحقيق أهداف التحول الاقتصادي، ويأتي في مقدمتها برامج الإسكان، وجودة الحياة، والتخصيص، والمشاريع الكبرى، واستكمال خطة حزم تحفيز القطاع الخاص، إضافة إلى المشاريع الأخرى التي يجرى تنفيذها في قطاعات أخرى مثل قطاع التعليم وقطاع الصحة وقطاع الكهرباء وقطاع المياه، حيث ستدعم هذه المشاريع نمو الناتج المحلي غير النفطي خلال 2020.
ولا شك أن تطلعات الدولة من خلال أرقام الميزانية 2020 تطلعات تهدف إلى بناء الدولة الحديثة التي تعنى بإعادة بناء اقتصاد الدولة على أسس معرفية وحديثة وتطبيق مفهوم ومصطلح الاقتصاد الكلي والمعرفي، وبناء الإنسان كي يكون موردا من موارد بناء الثروة والدولة عبر نهج اقتصادي جديد تتبعه الدولة.
وفق الله هذه البلاد ومليكها وولي عهده، وأعانهما على حماية الوطن والمواطن، وكل عام مالي والجميع ينعم في ظل وطن يبني ويعمر وينمي.

إنشرها