FINANCIAL TIMES

تحالف عجيب بين ترمب وشركات التكنولوجيا الكبرى

تحالف عجيب بين ترمب وشركات التكنولوجيا الكبرى

أهلا بكم في واشنطن العاصمة، حيث تنفسنا الصعداء للتو، بعد ضجة الأخبار التجارية الواردة خلال الـ48 ساعة الماضية.
لقد أعقبت فورة التعرفة الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب ضد البرازيل والأرجنتين وفرنسا، وإعلانه أنه قد ينتظر إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2020، لإيقاف حربه التجارية مع الصين. هذا كثير على صفقة "المرحلة الأولى" هذه. في عمود اليوم، أردت أن أتراجع وأنظر إلى أسباب توظيف ترمب كثيرا من الطاقة في الدفاع عن وادي السيليكون -ليس جمهوره الأكثر طبيعية- من خلال السياسة التجارية للولايات المتحدة. هنا لا بد من توجيه شكر خاص لرنا فوروهار، كاتبة عمود في فاينانشيال تايمز ومؤلفة كتاب Don’t Be Evil وهو كتاب جديد عن شركات التكنولوجيا الكبرى، وسوزان آرونسون، أستاذة في جامعة جورج واشنطن، لمناقشتي في بعض القضايا المطروحة.
"شركات التكنولوجيا التي تتحدث عنها ليست المفضلة لدي، لأنها ليست من أجلي تماما، لكن لا بأس. هي شركات أمريكية".
هذا ما قاله دونالد ترمب وهو جالس بجانب نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، موضحا لماذا كان يعاقب تحرك باريس لفرض ضريبة على الخدمات الرقمية -التي تؤثر في الشركات بما في ذلك شركات جوجل وفيسبوك وأبل وأمازون- بفرض تعرفات جمركية على 2.4 مليار دولار من السلع الفرنسية الإضافية.
كان التحرك العدواني ضد ماكرون متوقعا إلى حد ما وفقا لمعايير ترمب: العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في منطقة شديدة الفتور، والمسؤولون التجاريون الأمريكيون نفد صبرهم من فشل باريس في إلغاء سياساتها المتعارضة مع واشنطن.
ما جعل الأمر لافتا للنظر هو أن ترمب لم يكن سيدعم المزارعين من السهول الكبرى، أو عمال الصلب في مناطق حزام الصدأ، وهو عادة ما يدافع عنهم في المفاوضات التجارية.
بدلا من ذلك، كانت تصرفاته تهدف إلى حماية عمالقة وادي السيليكون -الذين اتهمهم بأنهم شركات احتكارية مليئة بديمقراطيين يتواطؤون ضده- من فرض ضرائب مفرطة في الخارج.
انتقام ترمب من فرنسا بعد فرض الضريبة الرقمية، ليس المثال الوحيد لموقفه الصديق للشركات التكنولوجيا الكبرى في التجارة: تأكدت إدارته من إضافة بند رقمي إلى USMCA الاتفاقية البديلة مع كندا والمكسيك، التي حلت محل اتفاقية نافتا، تم تضمينه أيضا في صفقة تجارية صغيرة أبرمت مع اليابان في أيلول (سبتمبر) الماضي.
في خضم المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين للتوصل إلى اتفاق تجاري أوسع في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) من هذا العام، ضغطت واشنطن بشدة لكن دون جدوى، من أجل انفتاح بكين أمام شركات الحوسبة السحابية الأجنبية، وتخفيف القيود على نقل البيانات إلى خارج الصين.
من المؤكد أن هناك جوانب لسياسات ترمب التجارية التي تعترض عليها شركات التكنولوجيا الأمريكية: هي قلقة بشأن التعريفات الجمركية المتصاعدة، وغير مرتاحة بشأن فرض ضوابط شاملة على الصادرات من قبل وزارة التجارة الأمريكية.
بيد أنها تعلم أيضا أن لديها آذانا صاغية في الأغلب من مسؤولي إدارة ترمب، الذين يرون أنها ثروات وطنية ستساعد على الحفاظ على تفوق أمريكا على الصين وغيرها، في مجالات متطورة مثل الذكاء الاصطناعي.
شركات التكنولوجيا عززت قضيتها من خلال التودد للرئيس الأمريكي في بعض الأحيان.
مارك زوكربيرج، مؤسس شركة فيسبوك، تناول العشاء مع ترمب في البيت الأبيض في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وتيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، استضاف الرئيس في مصنع لتصنيع أجهزة الكمبيوتر المحمولة في تكساس، الشهر الماضي.
مع ذلك، فإن ترمب يخطو في طريق حساسة سياسيا، وهو يحاول مساعدة شركات التكنولوجيا الكبرى على تحسين وصولها إلى الأسواق الخارجية، في وقت يتلقى فيه القطاع ضربات غاضبة في واشنطن، بشكل متزايد.
في تنافس افتراضي عام 2020 ضد إليزابيث وارين المرشحة الرئاسية الديمقراطية التي دعت إلى تفكيك عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، يمكن أن يكون ترمب عرضة لهجمات على أساس أنه كان ودودا للغاية تجاه الشركات.
يمكن أن تزيد الانتقادات من اليمين أيضا. كثير من المحافظين لا يثقون بشركات التكنولوجيا الكبرى، بسبب الرقابة المزعومة على آرائهم، وقال تيد كروز، السيناتور الجمهوري من تكساس، الشهر الماضي إن "شركات التكنولوجيا الكبرى" لا ينبغي منحها "حماية خاصة" في الصفقات التجارية.
فيما يتعلق بالضرائب الرقمية، من الواضح أن تفضيل وادي السيليكون هو التوصل إلى اتفاق على أساس متعدد الأطراف ضمن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أوسيد"، من شأنه أن يلغي ضرائب كل بلد على حدة، لتفادي الانتقام الأمريكي.
ويخشى من أن تنمر ترمب من الممكن أن يأتي بنتائج عكسية، ويؤدي إلى تفاقم تجزؤ شبكة الإنترنت، إلى نطاقات رقمية منفصلة من النفوذ بلوائح تنظيمية مختلفة.
بيد أنه يعلم أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق واستمرت بلدان مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا في التقدم، فإن إدارة ترمب تسانده إلى حد ما.
إنها حقيقة لا يمكن اعتبارها أمرا مفروغا منه في بداية رئاسته.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES