FINANCIAL TIMES

شباب الأعمال في آسيا يتطلع إلى ما بعد الشركات العائلية

شباب الأعمال في آسيا يتطلع إلى ما بعد الشركات العائلية

شباب الأعمال في آسيا يتطلع إلى ما بعد الشركات العائلية

مشهد سخيف في فيلم: "آسيويون أغنياء ومجانين" لعام 2018 يتضمن حفلة جامحة على سفينة حاويات.
رجل يطلق بإهمال قذيفة بازوكا في السماء.
مستوى الحياة الباذخ والسحر والرومانسية، تعزز فكرة الفيلم عن الأثرياء في آسيا، لكن الكوميديا الرومانسية، التي تستند إلى رواية كيفين كوان الأفضل مبيعا، تثير وترا أكثر جدية بكثير بالنسبة للعائلات الآسيوية المالكة للشركات اليوم .. الخلافة.
يتطرق الفيلم إلى مقاومة القائد الذكر السليل القائم في الولايات المتحدة لواحدة من أغنى العائلات في سنغافورة، للضغوط التي تريد منه التخلي عن مهنته الأكاديمية والانضمام إلى أعمال العائلة.
التوتر نفسه يؤثر في العائلات الحقيقية في سنغافورة وكل أنحاء آسيا، حيث أصبحت الأجيال الشابة أكثر جرأة في اختيار مساراتها، ومتابعة المصالح بعيدا عن الشركات العائلية، تماما في الوقت الذي تصبح فيه هذه الشركات أكبر وإدارتها أكثر تعقيدا.
"بالنسبة إلى الخلافة، هذا وقت غير مؤكد"، كما يقول ريتشارد لوي، المسؤول عن منطقة جنوب شرقي آسيا في شركة ديلويت برايفيت، وهي وحدة الشركات الخاصة في شركة المحاسبة.
طريقة تعامل العائلات البارزة المالكة للشركات لهذا التحول أمر ذو أهمية عالمية، خاصة أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد تفوقت على أمريكا الشمالية، باعتبارها المنطقة التي تضم أكبر عدد من الأفراد الأثرياء (أي الذين لديهم أصول تزيد قيمتها على مليون دولار إضافة إلى منزلهم الرئيس).
بشكل جماعي، ثروة أكبر عدد من الأفراد الأثرياء كانت 21 تريليون دولار عام 2018، وذلك وفقا لشركة كيبجميني الاستشارية.
على عكس العائلات الأمريكية أو الأوروبية فإن معظم سلالات الشركات الآسيوية هي الآن في أجيالها الثانية أو الثالثة فقط.
بالتالي، يواجه كثيرون الآن ما يعد عادة أنه الوقت الأكثر حساسية في إدارة الخلافة، المرحلة التي يتوفى فيها المؤسس أو يتخلى عن سيطرته، في غياب تأسيس العائلة حتى ذلك الحين هياكل مؤسسية قوية.
"النقطة الأساسية هي الجيل الثالث. هذا عندما تخسر العائلات كل شيء"، كما تقول آني كوه المديرة الأكاديمية في "معهد عائلات الأعمال" في جامعة سنغافورة للإدارة.
تم إنشاء هذا المعهد لمساعدة العائلات على تجنب "لعنة الجيل الثالث" من خلال الاستعانة بالخبرات الأجنبية لمنطقة جنوب شرقي آسيا.
يقول لوي إن تراكم الثروات السريع في المنطقة يعني أن الشركات العائلية التي تنتقل فيها السلطة اليوم "كبيرة على نحو لا بأس به مقارنة بما كانت عليه الحال ربما قبل 50 عاما".
علاوة على ذلك، يضيف أن الخلفاء يواجهون "بيئة معطلة" من حيث الاقتصاد العالمي والسياسة والتكنولوجيا، ما يجعل من الصعب على العائلة الأوسع الاعتماد على الأرباح المتوقعة.
هذا بدوره يمكن أن يغذي عوامل اللبس بشأن القدرات التجارية للخليفة، ما قد يحدث الصراع.
إلا أن هناك علامات تدل على أن العائلات التجارية تتكيف بشكل جيد مع الضغوط. تاريخيا كافح رؤساء جماعات الأعمال الآسيوية للتخلي عن شركاتهم، ما أدى إلى تخطيط خلافة متأخر، وأحيانا فوضوي.
هناك ثلاث جماعات ثرية: عائلة كوك، وعائلة وي، وعائلة يونج تقدم أمثلة متناقضة حول كيف يتم تطور الخلافة في آسيا، مع اختيار أفراد الأجيال الشابة لأساليبهم على الرغم من وجود الجيل الأكبر الذي لا يزال يتحكم في الشركات.
عميد الأسرة المتقدم بالسن الذي لا يزال الوجه العام لإمبراطوريته التجارية هو روبرت كوك، البالغ من العمل 96 عاما. بصافي ثروة يبلغ 12.3 مليار دولار، فإنه أغنى رجل في ماليزيا بنى تكتلا متعدد الجنسيات، يراوح من الأعمال الزراعية إلى العقارات إلى الشحن. هذا المؤسس الذي يمتلك سلسلة فنادق شنجاري لي Shangri-La ولديه ثمانية أطفال وأقارب آخرون يعملون في كل أنحاء التكتل، قال إن إمبراطوريته يمكن أن تستمر لأربعة أجيال إذا اتبع أطفاله "رسالته".
الرئيس الأزلي على ما يبدو الذي يجسده كوك قد يصبح شيئا من الماضي.
في استطلاع أجرته وكالة ديلويت وجامعة سنغافورة للإدارة عام 2013 للعائلات التجارية في جنوب شرقي آسيا، في الأغلب، قال 62 في المائة من المستجيبين من الجيل الأول إن الجيل الحالي ينبغي أن يتخلى عن العمل في السبعينات من أعمارهم.
ذلك الرقم انخفض إلى 23 و24 في المائة على التوالي للمستجيبين من الجيلين الثاني والثالث، وبلغ 10 في المائة فقط للأجيال الرابعة واللاحقة.
يقول لي وونشيو، الرئيس الإقليمي لتخطيط الثروة ومكتب العائلة وحلول التأمين في بنك دي بي إس DBS Private Bank في سنغافورة، إن رؤساء العائلات أخذوا الآن في التعامل مع تخطيط الخلافة في أواخر الخمسينات أو الستينات من أعمارهم، أي قبل عقد من الأجيال السابقة.
التطور المتزايد لسنغافورة كمركز لإدارة الثروات قد يساعد على تغيير خطط الخلافة أكثر. اعتمدت العائلات الآسيوية تاريخيا على الوصايا البسيطة إلى حد ما أو الشركات القابضة كأدوات للخلافة.
في الوقت الذي تكافح فيه هذه الأدوات للتعامل مع التعقيد المتزايد للهياكل والعلاقات، يقول لي إن العائلات تتبنى "على نحو متزايد" صناديق عهدة خاصة ومكاتب للعائلة.
في سنغافورة وحدها، زاد عدد مكاتب العائلة أربعة أضعاف بين عامي 2016 و2018، وذلك وفقا للسلطة النقدية في سنغافورة.
يقول لي إن المثال الذي أنشأه رجال الأعمال الدوليون الذين يؤسسون مكاتب عائلية أو شركات عهدة خاصة أو مؤسسات خيرية، للاستفادة من نظام الضريبة المناسب وغيره من المزايا في سنغافورة بدأ ينتقل إلى اللاعبين المحليين.
اختيار الخليفة يتطور أيضا حيث تتحمس العائلات لتعيين غير الأقارب كرؤساء تنفيذيين. هذا ليس بالأمر السهل دائما، بالنظر إلى الحساسيات الآسيوية حيث من المتوقع أن يتبع الشباب خطا أكابرهم.
تقول ميشيل يونج، عضوة الجيل الرابع للعائلة التي وراء شركة ووه هب للبناء العملاقة القائمة في سنغافورة: "في آسيا، توجد ضغوط هناك شعور بالواجب، وطاعة الوالدين".
تقول كوه في الوقت الذي تصبح فيه الشركات العائلية أكبر وذات طبقات أكثر، "أنت بحاجة إلى مزيد من المواهب الموجودة خارج العائلة لإيصال الأعمال إلى المستوى التالي".
في الاستطلاع الذي أجرته وكالة ديلويت وجامعة سنغافورة للإدارة، قال 77 في المائة من المستجيبين من الجيل الأول، إن أحد أفراد العائلة ينبغي أن يسيطر على الأعمال.
هذا الرقم انخفض إلى 35 و24 في المائة على التوالي للمستجيبين من الجيلين الثاني والثالث.
كوك مينج رو، البالغ من العمر 31 عاما، ابن أخ روبرت كوك وابن كوك كون هونج، المؤسس المشارك لشركة ويلمار إنترناشيونال للأعمال الزراعية العملاقة اختار طريقا بعيدا عن إمبراطورية عائلته التجارية.
بعد قضاء معظم حياته في بريطانيا في مدرسة داخلية وجامعة كامبريدج يدرس الرياضيات، عاد إلى سنغافورة وشارك في تأسيس "باندلاب"، وهي منصة سحابية لتعاون الموسيقيين، لديها قاعدة تضم أكثر من 11 مليون مستخدم، ويتم إنشاء أكثر من مليوني أغنية على منصة باندلاب كل شهر.
صاحب المشاريع الذي يحب الأغاني يبني نظاما بيئيا موسيقيا. إضافة إلى التطبيق، تبيع الشركة بصناعة الجيتار وأدوات الموسيقى والإكسسوارات.
في أيار (مايو) الماضي، اشترت مجلتا موسيقى تابعتان لشركة آي تي ميدياIT Media، بعد أن باعت في وقت سابق حصتها البالغة 49 في المائة في مجلة رولينج ستون. المنصة ستعيد إحياء جوائز NME الموسيقية في بريطانيا التي ظهرت لأول مرة عام 1953 في شباط (فبراير) التالي، بعد توقف لمدة عام.
تجربة كوك مينج رو الأولى في صناعة الموسيقى حيث استحوذ وأعاد تنظيم شركة سوي لي التوزيع وتجارة التجزئة الآسيوية Swee Lee، كانت مستوحاة من الأعمال الزراعية التي كان والده يبنيها في ذلك الوقت.
ويقول: "كل ما يفعلونه في المواد الغذائية، من الزراعة وصولا إلى العلامة التجارية الاستهلاكية، كان ذلك مثيرا للاهتمام بالنسبة لي لمعرفة كيف يمكن تطبيق ذلك على الموسيقى".
لا يستبعد الانضمام إلى شركة العائلة على المدى الطويل لكن هل يوجد ضغط؟ لا. وهل سأفعل ذلك على حساب شخص أعتقد أنه سيقوم بعمل أفضل فقط بسبب العلاقة العائلية؟ أبدا"، مشيرا إلى حقيقة أنه لا يوجد فرد من العائلة يعمل في شركته.
من بين أعضاء الجيل التالي الآخرين الذين ينفصلون عن الأعمال العائلية يوجد وي تينج وين، البالغ من العمر 39 عاما، الابن الأكبر لوي إي تشيونج، البالغ من العمر 66 عاما، وهو الرئيس التنفيذي لبنك يو أو بي UOB، المصرف المتبقي الوحيد الذي تديره عائلة في سنغافورة.
في وقت سابق من هذا العام، قال وي إي تشيونج إنه منفتح لفكرة أن يكون فردا من غير أفراد العائلة خليفته في المصرف، الذي أسسه جده قبل أكثر من 80 عاما. تبلغ ثروة العائلة 6.25 مليار دولار، وذلك وفقا لتصنيف مجلة فوربس لعام 2017.
مع ذلك، وي تينج وين اختار قطاع الضيافة على الخدمات المصرفية. حيث أطلق مجموعة لو آند بي هولد The Lo & Behold التي تدير مؤسسات سنغافورة بما في ذلك ناد عصري على الشاطئ، ومطاعم، وحانات، وفندق وناد للأعضاء.
ويقول: "هناك كثير من الانفتاح والقبول لاتخاذ خلافة الأعمال أشكالا متعددة".
إنه "حظي" بدعم والديه لاختياره المهني عند عودته إلى سنغافورة بعد الدراسة في جامعة بنسلفانيا والعمل مستشارا في الولايات المتحدة.
لم تتم تسوية المسألة بالكامل. يقول، "أقول صراحة لا يوجد كثير من الضغط، لكن بشكل غير مباشر يوجد أحيانا بالتأكيد.
ما زلت أتلقى العبارة العرضية ’حسنا، متى ستنضم إلى شركة العائلة؟‘ على نحو يشبه العبث وشبه الجد، أو جدية مغطاة بالدعابة. هذا لا يزال الطريق المتوقع، في السراء أو الضراء".
مع ذلك، وي تينج وين لا يقدم أي إشارة تدل على أنه ينوي الانضمام إلى بنك يو أو بي UOB في المستقبل القريب، حيث تضم شركة لو آند بي هولد أكثر من 300 موظف، و16 عقارا في محفظتها وفندقا ثانيا على الطريق.
يقول إنه دخل مجال الضيافة لمساعدة سنغافورة لتصبح "أكثر ثقة من الناحية الثقافية" وتفقد صورتها باعتبارها "تتسم بالكفاءة والدقة والنظافة، وتقترب من كونها معقمة، المواضيع الرئيسة دائما ما كانت كيف تم حظر العلكة".
هناك ناد خاص بالأعضاء تم إطلاقه عام 2018، وهو واحد من أحدث عقارات شركة لو آند بي هولد Lo & Behold.
إنه جزء من موجة جديدة من الأندية في سنغافورة، التي تعتمد على العضوية المتنوعة بدلا من التركيز التقليدي على أشخاص من نفس المهنة أو العائلة أو الجنس.
حتى أعضاء الجيل التالي الذين ينضمون فعلا إلى شركات عائلاتهم بدأوا بتغييرها. في "ووه هوب"، درست ميشيل يونج، البالغة من العمر 40 عاما، في المملكة المتحدة وعملت مستشارة قبل أن تصبح مديرة في "أوروم"، وهي شركة تابعة ذات أداء ضعيف تركز في الأساس على المشاريع السكنية الصغيرة.
وهناك تحويل من خلال إطلاق شركة فاوند 8 العمل المشترك، كمساحة للعمل المشترك للمهنيين في مجال اللياقة البدنية والرفاهية.
جدها، يونج نام سينج، هو رئيس مجلس إدارة ووه هوب ووالدها، يونجتيام يون، هو نائبه، لكن باعتبارها امرأة في عالم الأعمال الذي لا يزال يهيمن عليه الذكور، ربما كانت ستواجه صراعا لتصبح القائدة التالية لشركة ووه هوب، التي تتميز مشاريعها بمعالم سنغافورة التاريخية مثل مجمع جاردنز باي ذا باي Gardens by the Bay.
تقول ميشيل يونج، "تم إعداد شقيقي لتولي الأعمال الرئيسة. دائما ما كان هذا معروفا منذ أن كنا أطفالا. لقد تم شغل هذا المقعد بالأصل".
كوه، الأكاديمية التي درس حالة "أوروم"، تقول إن تولي الشركة التابعة أعطى ميشيل يونج الفرصة لتطوير أسلوبها الخاص، على مثال شركة ناشئة وفي الوقت نفسه الاستفادة من الروابط مع العائلة ومن روابط ووه هوب مع شركات التطوير.
ومثالها كان العلامة التجارية لشركة "فيرجين" من صاحب المشاريع البريطاني ريتشارد برانسون.
وتقول: "أملي هو أن أصبح مثل شركة فيرجين في اقتصاد المشاركة".
وهي تستثمر الآن في أشكال حديثة من المعيشة والدراسة المشتركة، وتتوسع إلى ما وراء سنغافورة وماليزيا المجاورة.
وتقول: "شركة أوروم لم تعد للتطوير العقاري".
تقول ميشيل يونج وهي تفكر في تركتها، إنها تريد أن تضمن أن أطفالها الثلاثة لديهم كثير من الخيارات. "يشعر جيلي أن هناك عددا من الناس أكبر بكثير، من الذين يريدون أن يصبحوا من أصحاب المشاريع. هذا ربما يؤثر في الشركات العائلية والطريقة التي ينظر بها الجيل المقبل إلى خياراته."
على نحو يتماشى مع الاتجاهات العامة في اتجاهات الخلافة في آسيا يتابع البطل الرومانسي في فيلم "آسيويون أغنياء ومجانين" طريقه ليكون أكاديميا، بعيدا عن شركة العائلة. هذا خيال، لكنه ليس بعيدا للغاية عن واقع اليوم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES