FINANCIAL TIMES

إنتاج روسيا النفطي مهدد بالانخفاض 40 % بحلول 2035

إنتاج روسيا النفطي مهدد بالانخفاض 40 % بحلول 2035

تتنافس روسيا مع الولايات المتحدة والسعودية على لقب أكبر منتج للنفط الخام في العالم. وعلى الرغم من أنها سجلت رقما قياسيا بعد الحقبة السوفياتية، إلا أن انخفاض الإنتاج غربي سيبيريا، وهي منطقة إنتاج رئيسة، أجبرت البلاد على البحث عن نهج مبتكر لتعزيز استخراج النفط.
على عكس الولايات المتحدة، حيث عمل التطور السريع في النفط الصخري على دفع عملية الاستخلاص المعزز للنفط إلى مكانة ثانوية، ركزت روسيا التي لا تنتج النفط الصخري تجاريا، على الحفاظ على حقول سيبيريا الغربية الناضجة حية من خلال تطوير الإنتاج من الاحتياطيات التي يصعب استخراجها.
من دون التكنولوجيا الجديدة والحوافز الضريبية من الدولة، إنتاج روسيا من النفط الخام مهدد بانخفاض يبلغ 40 في المائة على مدى الأعوام الـ15 المقبلة، ليصبح نحو 6.8 مليون برميل يوميا عام 2035، بحسب توقعات وزارة الطاقة الروسية.
منطقة غربي سيبيريا التي تمثل أكثر من نصف إنتاج البلاد من النفط الخام، شهدت انخفاضا في الإنتاج بلغ 10 في المائة خلال العقد الماضي بسبب نضوب الاحتياطيات التقليدية وارتفاع مستويات المياه.
يقول أندريه تيريشوك، نائب رئيس قسم الطاقة في وزارة الطاقة: "نوعية الاحتياطيات في البلاد تزداد سوءا. ارتفعت تكاليف الإنتاج للطن، ومكافحة مستويات المياه، والتنقيب، في حين أن متوسط الإنتاج لكل بئر آخذ في الانخفاض". ويضيف: "ولهذا السبب تطوير الاحتياطيات التي يصعب استخراجها وتحفيز الإنتاج منها هو أحد الموضوعات الرئيسة للوزارة. هذا يعد أولوية".
تقول وزارة الطاقة إن مؤشر كفاءة الحقل في روسيا البالغ 28 في المائة أدنى بكثير من 44 في المائة في الولايات المتحدة و50 في المائة في النرويج.
"للتعويض عن انخفاض الإنتاج بحلول عام 2035، يجب إنتاج 15 في المائة من النفط الخام من خلال تعزيز عمليات الاستخراج"، بحسب تيريشوك.
أرتيم فرولوف، نائب الرئيس في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، يقول إن روسيا التي استخدمت أسلوب الغمر لزيادة الإنتاج في الحقول حتى عام 1970، تتفوق اليوم في الأساليب الهيدروديناميكية مثل الحفر الأفقي، والتكسير الجانبي، والكسر الهيدروليكي.
الحلول التكنولوجية التي من قبيل زيادة حصة الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي متعدد المراحل، والحفر متعدد الفتحات أتاحت لشركة روسنفت، أكبر منتج للنفط الخام في روسيا، إبطاء الانخفاض في حقل ساموتلور إلى 1 في المائة العام الماضي. يعود تاريخ الحقل إلى عام 1965 وهو واحد من أكبر الحقول في العالم.
وساعد نهج مماثل شركة لوك أويل، ثاني أكبر منتج في البلاد على تقليل الانخفاض في أصولها غربي سيبيريا إلى 2.2 في المائة هذا العام، مقارنة بانخفاض سنوي 9 في المائة قبل عام 2016. لكن من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الطرق وحدها يمكن أن تحسن بشكل جوهري معدل الاستخراج النهائي على مدار حياة الحقل، كما أن كفاءتها تنخفض مع إجراء مزيد من هذه العمليات، كما يقول فرولوف.
تحاول الشركات إيجاد طرق جديدة للحفاظ على معدلات الاستخراج لكن تكلفتها لا تبرر الاستثمار دائما. استخدام أكثر الطرق الثلاثية شيوعا لتحسين معدلات الاستخراج، مثل البوليمرات، وضخ ثاني أكسيد الكربون، والتسخين، لا يزال غير اقتصادي اليوم ويتم، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، على 1.5 في المائة فقط من إجمالي إنتاج النفط في روسيا. يقول فرولوف: "عوائق تطوير هذه الأساليب تشتمل على تكاليف رأس المال والتشغيل المرتفعة، ونقص البنية التحتية، مثل أنظمة النمذجة الرقمية والمواد الكيماوية المنتجة محليا، ومخاطر عدم تحقيق هدف المخرجات المتوقع، أو عدم القدرة على تكرار الطريقة خارج حقل الاختبار".
وبحسب وزارة الطاقة، تراوح تكاليف أساليب الاستخراج المحسنة من نحو 200 إلى 300 دولار للطن، واستخدام المنشطات السطحية هو الأكثر تكلفة، تليها التدابير الحرارية، وحقن ثاني أكسيد الكربون، واستخدام البوليمرات.
قال معهد أكسفورد لدراسات الطاقة في دراسة حديثة: "ما يزيد من صعوبة المهمة هو حقيقة أن العقوبات تقيد توفير بعض التكنولوجيات الأكثر تعقيدا في روسيا، في حين أن ضعف الروبل، رغم أنه مفيد بشكل عام، يزيد تكلفة الواردات".
يخضع قطاع الطاقة الروسي للعقوبات الأمريكية والأوروبية منذ عام 2014، ما يحد من الوصول إلى رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا، وكذلك الشراكات مع الشركات الأجنبية في بعض المشاريع. وفي حين أدت العقوبات إلى موجة من استبدال الواردات، إلا أنها لا تزال لا تلبي بالكامل احتياجات الصناعة إما بسبب نقص الكفاءات، وإما نقص دعم الدولة.
لا تزال الضرائب هي المشكلة الكبيرة المحيرة في روسيا، التي لديها بعض من أعباء ضريبة النفط الأثقل والأكثر تعقيدا في العالم. تبلغ حصة الدولة الروسية في صافي إيرادات مشروع غربي سيبيريا ما يصل إلى 90 في المائة، أي ضعف حصة الدولة في الولايات المتحدة، وفقا لشركة فيجون كونسلتنج، وهي هيئة استشارية مستقلة في موسكو.
شركة غازبروم نفط Gazprom Neft، ثالث أكبر منتج في البلاد ورائدة في مجال التكنولوجيا، إلى جانب شركة شل، طورت تكنولوجيا تم اختبارها في مشروعها المشترك "ساليم للبترول" باستخدام مزيج مكلف من المنشطات السطحية سالبة التكهرب والصوديوم والبوليمر.
يمكن لذلك أن يضاعف ثلاث مرات عامل الاستخراج في الحقول التي تجاوزت ذروة إنتاجها في غربي سيبيريا ويساعد في إنتاج مليارات الأطنان من الخام الإضافي. ومع ذلك لم تتمكن الشركات من تطبيقها على المستوى التجاري بسبب نقص الحوافز الضريبية.
يقول فاديم ياكوفليف، نائب الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم نفط: "استخدام المواد الكيماوية في أساليب معدلات الاستخراج المتقدمة يتم بمعدل أقل كثيرا مما يتم في الخارج، لأنها تحتاج إلى نهج ضريبي خاص".
مع وجود الظروف الملائمة، يمكن أن ينتج الاستخلاص المعزز للنفط ما بين 800 ألف ومليوني برميل نفط إضافي يوميا في روسيا بحلول عام 2030، وفقا لتقديرات متعددة من الدولة والشركات. لكن دون أي تدابير ضريبية، يمكن أن يتقلص إنتاج غربي سيبيريا 17 في المائة حتى عام 2024، كما تقول شركة فيجون كونسلتنج.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES