Author

استراتيجية مشتركة بين السعودية والإمارات

|

يستند مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي إلى أرضية صلبة، هي الأهم بقوتها على الساحة في المنطقة كلها. وهذه المتانة تنبع في الواقع من عدة مصادر، في مقدمتها حرص قيادتي الدولتين الشقيقتين على أن يحقق هذا المجلس النجاح المطلوب، وفق أعلى المعايير، إضافة إلى أن القواسم المشتركة التي تجمع الرياض وأبوظبي لا تنتهي. فضلا عن الأبعاد التاريخية والجغرافية والمصيرية والعربية، وغير ذلك من روابط جعلت العلاقة بين السعودية والإمارات متنامية ومتطورة ومفتوحة أمام كل العوامل والأدوات التي تجعل الاستدامة أساسها. هذه العلاقة ليست فقط وليدة المصالح المشتركة الثنائية والإقليمية والدولية، بل تعود إلى عمق التاريخ، وإلى المواقف والسياسات التي اتخذتها القيادات المتعاقبة في الدولتين. وهي سياسات تأخذ في الحسبان كل شيء، ولا سيما المصير المشترك لكلتا الدولتين، الذي يشكل في النهاية المصير المشترك للمنطقة العربية كلها.
الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، الذي عقد في أبوظبي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، شهد مراجعة شاملة لعمل المجلس منذ دورته الأولى. وهذه المراجعة أظهرت مدى الإنجازات التي تحققت ليس فقط على صعيد التعاون الاقتصادي، بل السياسي أيضا، خصوصا في وقت حساس "بل خطير" تمر به المنطقة كلها، انطلاقا من المسؤوليات التاريخية التي ألزمت الدولتان أنفسهما بها. المملكة الحريصة على صيانة وحماية ودعم العلاقة المباشرة مع الإمارات، حريصة أيضا على وضع السياسات المشتركة التي تصب في النهاية في مصالح الدول العربية. فالسعودية والإمارات دولتان محوريتان إقليميا ودوليا، تمتلكان الأدوات اللازمة للقيام بدورهما في الوقت المناسب، والحصول على النتائج المرجوة، بصرف النظر عن طبيعة الساحة التي تعملان فيها.
مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، هو تماما كما وصفه الأمير محمد بن سلمان "منصة نموذجية لتحقيق رؤى القيادتين، نحو تعميق التعاون وتعزيز التكامل بين الدولتين في مختلف المجالات، بما يخدم مصالح شعبيهما الشقيقين". هذا بالضبط ما أراده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخوه الشيخ خليفة بن زايد، وهذا هو الهدف الأول لهذا المجلس، الذي قيل عنه إنه "حقق نتائج إيجابية كبيرة على أرض الواقع، تثلج الصدور وتبعث على الارتياح". كيف لا، والعمل على تدعيم التنسيق لا يتوقف، والحرص على تحقيق الأهداف لا حدود له، وتطوير الأدوات اللازمة يمضي قدما في كل الميادين. إنه مجلس يحمل نجاحه معه، بفعل الإرادة العليا والمنهجية الفاعلة والاستراتيجية القائمة على الحقائق. لذلك، يمكننا عده أفضل أشكال التنسيق التي تمت بين الدول العربية في تاريخها، لأن النتائج تتحدث عن نفسها هنا.
تكفي الإشارة إلى أن هناك 20 مجالا تنمويا مشتركا بين السعودية والإمارات ضمن نطاق مجلس التنسيق المشار إليه، تشمل الاقتصاد والأمن والتنمية البشرية، وغير ذلك من ميادين محورية على الساحتين. وعلى صعيد هذه المشاريع تحقق الكثير من الفترة السابقة، وهناك مخططات دائمة لطرح أخرى في الوقت المناسب وفق التطورات والمتغيرات حتى الاستحقاقات. ولأن هذا الحراك الاستراتيجي يستند إلى الواقع، فإن نتائجه تظهر على السطح في الوقت المناسب. لا شيء يقف حائلا أمام الوصول إلى الأهداف الموضوعة من قبل قيادتي الدولتين، ولا شيء يمكنه تعطيل هذه المسيرة. المملكة والإمارات تتمتعان بقوة دولية تمكنهما من التقدم على الساحة العالمية بصورة واقعية أيضا، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي. فالاقتصاد المشترك لكلتا الدولتين يضعهما في المرتبة الـ16 عالميا، ومع تقدم مسيرة مجلس التنسيق بينهما، سيتقدمان أكثر في المستقبل على هذه الساحة. إنها علاقة لا يمكن لمتغير واحد مهما كان قويا أن ينال منها.

إنشرها