Author

الرياض وأبوظبي .. أنموذج التكامل

|

بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأخيه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات؛ تم توقيع اتفاقية بين السعودية والإمارات عام 2016، على أثرها انطلقت أعمال المجلس التنسيقي السعودي - الإماراتي، الذي جاء اجتماعه الأول في جدة، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات. ولقي ذلك الاجتماع أصداء عالمية واسعة ومتابعة كبيرة من وسائل الأنباء العالمية والمحلية كافة، كيف لا، وهذا اللقاء الأهم بين أهم صناع للقرار سواء السياسي أو الاقتصادي أو العسكري في المنطقة، كيف لا، وفي هذا اللقاء تحسم ملفات في غاية الأهمية سواء على مستوى حركة النقل العالمية في البحر أو الجو، وملفات سياسية في الشأنين العربي والإقليمي. والمملكة من بين أكبر 20 اقتصادا في العالم، وهي اللاعب الأبرز على ساحة الطاقة وإمدادات النفط، ولهذا فإن ما سينتج عن هذه الاجتماعات والتنسيق سيتأثر به كثير من دول العالم.
لقد جاء الاجتماع الأول في جدة بالإعلان عن الهيكل التنظيمي للمجلس، ورصد جميع المشاريع والبرامج في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني والعسكري، وتحقيق رفاهية مجتمعي البلدين، من خلال وضع رؤية مشتركة لإيجاد الحلول المبتكرة لتحقيق الاستدامة عبر الاستغلال الأمثل للموارد الحالية؛ والارتكاز على بناء جيل بأدوات فعالة وكفاءة عالية، كما تم اعتماد منهجية شفافة لقياس الأداء في هذه المشاريع بما يكفل مراقبة التقدم الذي يتحقق لكلا البلدين.
والبارحة كان الاجتماع الثاني في مدينة أبوظبي برئاسة كل من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، كأحد أهم مؤشرات العزم على تفعيل المبادرات كافة التي تم إقراراها في استراتيجية التنسيق، اقتصاديا وتنمويا ومعرفيا وعسكريا.
ومن المهم الإشارة إلى أن سياسة التكتل أصبحت أهم سمات المرحلة على الصعيد العالمي، لكن نجاح هذه السياسة يرتكز على اختيار الشريك المناسب القادر على منح التعاون المشترك قوة ودافعية من خلال جدية العمل، والتخطيط القوي، والمصداقية في التنفيذ. وجاء التعاون بين البلدين الشقيقين كنموذج ناجح من نماذج العمل المشترك، فالقضايا المصيرية للشعبين واحدة، والعدو المتربص واحد، والتوجهات الإقليمية متطابقة، ولهذا يسهل التعاون والحوار ويصبح من المهم أن تكون الحركة بين البلدين متسقة إلى حد بعيد؛ ما يزيد من صلابة المواقف في المفاوضات كافة أو اللقاء مع الغير، ولأن الأمير محمد بن سلمان وأخاه الشيخ محمد بن زايد لا يرضيان بأنصاف الحلول، كما عودانا ولأن تطلعاتهما لهذا المجلس تتجاوز اجتماعات القمة فقد جاء النموذج استثنائيا في علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين حيث يتم بناء نظام حوكمة اقتصادي فعال، فتم إقرار أمانة للمجلس التنسيقي، كما أن المجلس يضم 16 وزيرا من القطاعات المهمة.
وهناك استراتيجية العزم التي تضمنت رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصاديا وتنمويا وعسكريا عبر 44 مشروعا استراتيجيا مشتركا، حيث وضع قادة البلدين مدة 60 شهرا لتنفيذها، كما تم اعتماد دليل للمجلس، والرؤية أن يكون المواطنان السعودي والإماراتي ضمن نسيج واحد يحملان طموحا مشتركا لمستقبل مشرق.
ولأن العمل فريد ونموذج الحوكمة فيه جديد على المنطقة، فقد أنتج مبادرات على مستوى الطموحات حتى الآن، وهي ترتكز على المفهوم الاقتصادي الأهم على المستوى العالمي اليوم، وهو سلاسل الإمداد وضمان حمايتها، ولهذا تعمل المملكة والإمارات على أمن الإمدادات، وتم التوقيع على برنامج التعاون المشترك في مجال أمن الإمدادات بين المملكة والإمارات الذي تضمن اختبار منظومة أمن الإمدادات وسلاسل الإمداد في القطاعات الرئيسة في البلدين أثناء أزمة أو كارثة، والوقوف على نقاط التحسين ووضع خطة تنفيذ لمعالجتها، كما تم إطلاق مبادرة المسافرين من ذوي الهمم ومبادرة السوق المشتركة في مجال الطيران، إضافة إلى توقيع الاعتراف المتبادل لبرنامج المشغل الاقتصادي المعتمد لتسهيل انسياب الحركة في المنافذ الجمركية، وذلك فور استكمال الموافقات اللازمة من الجانبين، وإطلاق المسار السريع الخاص بشركات برنامج المشغل الاقتصادي.
وتم أيضا إطلاق مبادرة الوعي المالي لصغار المستثمرين السعوديين والإماراتيين، وفي مجال الخدمات والأسواق المالية؛ ومشروع العملة الافتراضية الإلكترونية للاستعداد لتقنيات المستقبل. وهذا غيض من فيض قادم بكل خير على الشعبين.

إنشرها