Author

أمن الملاحة ضمان لحركة الاقتصاد العالمي

|

لم تتوقف جهود المملكة على مدى عقود في سبيل توفير الآليات اللازمة لتأمين وسلامة الممرات البحرية. حيث اتخذت في هذا المجال مجموعة كبيرة من السياسات، وأطلقت المبادرات، وأسهمت في تفعيل حراك دولي من أجل الوصول إلى أفضل حالة آمنة لهذه الممرات، ليس فقط انطلاقا من حرصها على أمن ناقلاتها وسفنها وحركة تجارتها، بل أيضا من أجل حماية الاقتصاد العالمي كله.
ولهذه الأسباب، لم تتهاون في الوقوف أمام أي تهديد "مهما كان بسيطا" لأمن الملاحة في المنطقة، خصوصا في ظل التوتر الذي تشهده هذه المنطقة منذ عقود، ولا سيما الدور التخريبي المتواصل للنظام الإرهابي الحاكم في إيران. فهذا الأخير يقف في الواقع ضد مصالح المجتمع الدولي باستراتيجية مدمرة تقوم على أوهام طائفية دنيئة، وتشمل أيضا التدخل في شؤون بلدان المنطقة ونشر الخراب فيها.
وفي الآونة الأخيرة، قام نظام علي خامنئي الإرهابي، بسلسلة من الأعمال التخريبية التي استهدفت ناقلات أجنبية في مياه الخليج العربي، بل مارس هذا النظام القرصنة المشينة ضد ناقلات مدنية، مع محاولاته البائسة لتهريب النفط إلى نظام بشار الأسد الإرهابي في سورية، في نطاق كسر سياج العقوبات الدولية المفروض على إيران وسورية في آن معا. وتستمر طهران في سلوكياتها الإجرامية هذه، على الرغم من كل التحذيرات والتهديدات التي وجهها لها المجتمع الدولي. حتى الدول الغربية المعروفة بالتساهل مع هذا النظام، وصلت إلى مرحلة صارت تطالب فيها بضرورة وقف تهديد نظام خامنئي لأمن الملاحة في الخليج، بما فيها فرنسا، التي وجهت أخيرا انتقادا علنيا للإدارة الأمريكية، لأن الأخيرة لم تتخذ ما يكفي من إجراءات لوقف الجنون الإيراني.
وتربط السعودية منذ عقود مسألة أمن الملاحة بشكل عام، والاقتصاد العالمي. وهذا الأخير عانى كثيرا من جراء انفلات في هذا المجال هنا وآخر هناك، بما في ذلك تهديد الإمدادات النفطية العالمية التي تمر عبر الخليج العربي. من هنا، فإن استراتيجية الخراب الإيرانية لم تكن موجهة إلى منطقة بقدر ما هي موجهة إلى العالم أجمع. والمملكة إذ تتبع هذه الاستراتيجية "التأمينية" العالمية، تنطلق من مسؤولياتها الدولية أيضا، ولا سيما أنها تشارك في صنع القرار العالمي من خلال مبادراتها وعضوياتها في المجموعة العالمية الصانعة لهذا القرار. وعلى هذا الأساس، تبحث دائما عن آلية فنية متطورة، وكذلك تشريعات عالمية لتفعيل سلامة الملاحة والنقل البحري والتجارة العالمية بشكل عام، سواء في المنطقة أو خارجها.
وفي نطاق هذا الحراك الذي لا يتوقف، جاء انعقاد الملتقى البحري السعودي الأول في الرياض أخيرا، الذي يضم مجموعة كبيرة من المسؤولين المختصين والخبراء، مع جميع الدول العربية والصديقة. وهذا الملتقى بحد ذاته يعد آلية أخرى على صعيد تأمين الملاحة بشكل عام، ودعم حراك الاقتصاد العالمي، الذي يعاني أصلا تباطؤا تحذر منه جميع الجهات الاقتصادية الدولية المختصة. فالمسألة برمتها عالمية محضة، لا يمكن التهاون فيها بصرف النظر عن أي اعتبارات.
ومن أهم العناصر المطروحة دائما، تلك المتعلقة بضرورة التعاون الدولي في هذا المجال، والمملكة تتصدر هذا التعاون على مختلف الأصعدة. دون أن ننسى الجوانب اللوجيستية المهمة للبحرية والقوات المسلحة وغيرها من الجهات. إنها عملية دولية تختص بالاقتصاد العالمي قبل أن تكون محلية في هذه المنطقة أو تلك.

إنشرها