Author

مستثمر نجم ومغمور

|
مستشار اقتصادي

أتذكر قراءة كتاب ومراجعته على هذه الصفحات عن صناديق التحوط قبل عدة أعوام وحينها لفت نظري اسم جيمس سايمون James Simons غاب عن ذهني حتى ظهر كتاب جديد عن تجربته الاستثمارية. أقدم مراجعة لكتاب عن تجربة جيمس "لم أقرأ الكتاب إلى الآن، مجرد قراءة عدة مراجعات ومقابلات تلفزيونية" للكاتب Gregory Zuckerman وعنوان الكتاب: الرجل الذي فهم السوق، The man who solved the Market ليس هناك مستثمر أشهر من وورن بفت الذي حقق 20.5 في المائة كمتوسط سنوي منذ 1965 بينما أداء صندوق Renaissance Technologies الذي يديره جيمس حقق 39 في المائة لعملائه بعد خصم 5 في المائة كأتعاب إدارة و44 في المائة كحصة الشركة من الأرباح، كان ذلك في الفترة 1990-2004، السؤال الدائم كيف استطاع تحقيق هذا الأداء لأعوام طويلة؟
الصندوق بدأ رائدا في توظيف الرياضيات المعقدة لاستغلال الفجوات في التسعير وليست قدرات شخصية في تقدير توجهات السوق أو الحالة النفسية للمشاركين في السوق. جيمس عالم رياضيات واستعانت به إحدى الجامعات المهمة في نيويورك لتأسيس قسم الرياضيات بعدما كان خبيرا في الدفاع لفك الشفرات. لا يعرف كثير عن مدرسته في إدارة الأموال وعوامل نجاحه المذهلة، إذ يطلب من كل موظف لديه معلومات عن طريقة الإدارة بتوقيع التزام قانوني ويطلب منهم عدم التعامل مع الإعلام أو حتى حضور المؤتمرات الاستثمارية. حاول Zuckerman حل لغز جيمس بمقابلته والبحث الجاد لكن يبدو دون نتيجة واضحة ممكن الاستفادة منها في إدارة الأموال لكن استطاع تقديم معلومات عامة ومثيرة. فالشركة يديرها علماء رياضيات وإحصاء في محاولة لكشف أسرار السوق بتوظيف معلومات كلية في الاقتصاد الكلي وحركة الأموال حتى الطقس وكذلك تحليل لأداء الشركات والعملات. يوظف هذه المتغيرات في التنبؤ بحركة السوق في المدى القصير.
بدأ التعرف على الاستثمار حين بدأ بمبلغ خمسة آلاف دولار في المضاربة على السلع، لكن سرعان ما اتفق مع بعض زملائه على محاولة توظيف قدراتهم في الرياضيات والبرمجيات في التنبؤ بحركة سوق السلع. ترك جيمس قسم الرياضيات في الجامعة لتأسيس الشركة وبدأ بجمع كمية هائلة من المعلومات التاريخية عن الأسهم والسندات والعملات والسلع وحالات الطقس وعلاقتها بالسلع. يذكر الكاتب أنهم ارتكبوا أخطاء كثيرة لكن الحاسبات الضخمة وحسن اختيار وتوظيف البرامج استطاعت الحصول على نماذج علاقات بين المتغيرات من ناحية والقيمة والأسعار من ناحية أخرى تكفي لتحقيق عوائد غير مسبوقة.
يذكر الكاتب أن جيمس في الأخير استطاع تحقيق هذا الأداء لأن مجمل التصرفات البشرية غير متناسق ولا يمكن أن يكون عقلانيا في كل الأحوال والأوقات، هذه الوضعية ينتج عنها فجوات يصعب استغلالها بدرجة منتظمة لأن كمية المعلومات ضخمة جدا ولا يمكن للعقل البشري الإحاطة بها، إذ تقوم الشركة على استغلال هذه الفجوات. ما يميز الشركة هو برمجياتها القادرة مقارنة بالآخرين. لكن رغم هذا النجاح المذهل إلا أن الشركة نجحت تقريبا في نحو 50 في المائة فقط من عمليات الاستثمار ما يدل على مدى صعوبة تحقيق عوائد أعلى من السوق. لذلك النصيحة أن تستثمر مع الصناديق التي تتبع المؤشرات. ربما كثير ببعض الموضوعية يقول هذا الطرح مناسب للأسواق الأكثر نضجا لكن ربما ثمة عوامل غيرت المشهد بعد طرح وتداول أسهم شركة أرامكو، إذ ستتوسع السوق السعودية وتعكس أكثر طبيعة الاقتصاد الوطني، وتعمق السوق قد يجعلها أقل تعرضا للفردية وبالتالي للمضاربة، كذلك مؤشر "تداول" موزون على القيمة السوقية، هذه العوامل مجتمعة ستجعل الاستثمار من خلال صناديق تتابع المؤشر أكثر جدوى.

إنشرها