Author

مستقبل الإعلام

|

عانت المهنة الصعبة من الصعوبات الأخرى المتعلقة بالسوق ومتطلباته ومعاناته مع التحديثات والتطوير المستمر لوسائل الحصول على المعلومة. مع الصحافة الإلكترونية يقف حال الورق وينتهي من الأسواق سوى شكل محايد يعتمد في الغالب على القراءة في وسائل النقل العامة، التي تفاعلت معها الصحافة في أوروبا وشرق آسيا.
تجد الصحف اليوم في محطات القطارات والحافلات والمطارات تقدم دون مقابل، بل إن من يعرضها عليك يحصل هو الآخر على مبلغ مالي، إن لم تكن الصحف داخل سلة يأخذ منها كل من يمر المكان. قرار الصحافة الذي يجعلها تعتمد على الإعلانات وسيلة وحيدة للبقاء مع نسخها الإلكترونية، التي تعتمد على القراء وعددهم، المبنية – بالطبع - على جاذبية تلك النسخ الإلكترونية بالنسبة إلى القارئ هو ما يحدد الوضع الجديد للصحافة.
هنا تظهر صحف جديدة وتحتل بعضها مواقع الصحف التقليدية، بسبب أسلوب عملها وطريقة عرضها على المستهلك. هذه الإشكالية التي تجعل الصحيفة في حاجة إلى العمل على مدار الساعة، لتحديث أخبارها والتفاعل مع جمهورها، أوجدت تحديات عديدة سواء في مجال الطاقة البشرية التي لا بد من توظيفها لتكون على مستوى التوقعات، والقرارات التي تتخذ خارج إطار الإدارة التقليدية للصحيفة.
ينبع من هذه التغييرات كثير من الإشكالات المادية والفكرية التي ستعانيها أغلب الصحف، التي تعتمد على النمط التقليدي في التعاطي مع الواقع الصحافي الجديد.
يمكن أن نتخذ من الصحافة العالمية نموذجا لما يمكن أن تكون عليه حال صحافتنا في المستقبل القريب، ولعل التعلم من هذه النماذج العالمية مهم بحكم التغيير الذي جعل الجميع على مستوى واحد من الوصول للمستهلك، لتبقى الفوارق محدودة وبعيدة عن النماذج التي عاشتها صحف الماضي.
على نمط المدينة التي لا تنام يأتي فكر الصحيفة التي لا تنام، بل إن الوضع يمتد ليؤثر حتى في قنوات الإعلام الإخبارية التي وجدت - هي الأخرى - منافسا قويا اعتماده على الوصول الفوري حتى عن طريق الرسائل النصية إلى المستهلك. لتتغير معايير العمل وقواعد اللعبة، التي كانت في السابق مبنية على ثقافة معينة، وأصبحت محكومة بقواعد العصر والفكر الفوري، الذي يعتمد على الركون إلى قواعد بيانات ضخمة للغاية تحتفظ بها كل وسيلة إعلامية وتحاول أن تنميها بكل ما أوتيت من وسائل لتبقى في موقع المنافسة.

إنشرها