Author

انتفاضة شعبية ضد نظام الإرهاب

|


الانتفاضة التي تشهدها الأراضي الإيرانية كلها كانت متوقعة في أي لحظة. فقد حدثت في السابق انتفاضات ضد نظام علي خامنئي الإرهابي، وقوبلت برد همجي عنيف أسفر عن ضحايا عزل واعتقالات واسعة وعمليات تعذيب موثقة، وغير ذلك من الأعمال التي تقوم بها عادة العصابات ضد الأبرياء. باعتراف وكالة "فارس" الإيرانية التابعة للحرس الثوري الإرهابي، فالاحتجاجات التي اندلعت بفعل رفع النظام أسعار البنزين شملت 100 مكان. والحق، أن هذه الانتفاضة جاءت نتيجة تراكمات تكدست بفعل السياسات التي يتبعها نظام خامنئي على الصعيد المحلي، وبسبب الشح المالي الذي تعانيه إيران، نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليها، بسبب استراتيجية الإرهاب والخراب التي تتبعها محليا وخارجيا، رافضة كل الفرص التي قدمت لها من أجل أن تكون جزءا طبيعيا من المجتمع الإقليمي والدولي على حد سواء.
بالطبع، أسرعت أبواق خامنئي ونظام الملالي بشكل عام إلى توجيه الاتهامات الباطلة للإيرانيين المنتفضين، بما في ذلك الشعار البائس وهو "ثورة مضادة وأعداء إيران". لا يوجد عدو واحد لإيران في هذا الحراك الشعبي الجديد، كل هؤلاء الذين خرجوا إلى الشوارع وتوزعوا في أماكن مختلفة من البلاد إيرانيون يعانون بطش وظلم ومكائد النظام الذي يحكمهم غصبا. فالتدهور المعيشي للشعب الإيراني شمل كل شيء تقريبا، بما في ذلك ارتفاع فلكي لمعدلات البطالة، وزيادة تاريخية في مجال الغلاء، ولا سيما للسلع الضرورية، وتراجع هائل لقيمة العملة الوطنية، وارتفاع حتى عدد السكان الذين يعيشون في الكهوف والأدغال، لعجزهم عن العيش بصورة طبيعية في مدنهم وقراهم. دون أن ننسى، توقف مزيد من الأعمال والمصانع، وعجز النظام حتى عن الاستثمار في تطوير قدراته النفطية.
هذا هو الوضع الراهن في إيران، لا عدو فيها سوى النظام نفسه، الذي لم يتردد رئيسه خامنئي أمس في الإعلان رسميا المضي قدما في رفع أسعار الوقود محليا، بعد أن أعطى الأوامر المشينة لاستخباراته ومنظماته السرية والعلنية لضرب الإيرانيين بيد من حديد، واعتقال المئات. فزيادة أسعار البنزين لا يتحملها المواطن الإيراني، وليس هذا فحسب، بل فرضت السلطات على المواطنين استهلاكا لهذه المادة لا يزيد على 60 لترا في الشهر الواحد، فضلا عن عجز هؤلاء عن مواجهة الارتفاع السعري الجديد. والأموال الإيرانية العائدة للشعب، يعرف هذا الأخير أين تذهب. هذه الأموال مخصصة لدعم استراتيجية الإرهاب والخراب والتدخل في البلدان الأخرى، وتمويل منظمات إجرامية على نطاق عالمي، سواء تلك النائمة أو النشطة.
ولهذا السبب جاءت الشعارات التي رددها المنتفضون متوافقة مع هذه الحقائق، بما في ذلك تلك التي تهاجم نظام الملالي على التدخل في بلدان مثل اليمن والعراق ولبنان، وتنفق الأموال على السياسات التخريبية فيها، ولا توفر الحد الأدنى للمواطن الإيراني. هذا الأخير يعد منذ عقود الضحية الأولى لنظام اغتصب السلطة في البلاد، كما أنه يدفع ثمن سياسات لا دخل له فيها، بل لا يوافق عليها. وكثيرا ما تحرك الشارع الإيراني على هذا الأساس. حتى الفرد الإيراني العادي يعرف أن مستقبله مرتبط بمدى التفاهم مع شعوب المنطقة كلها، لا بحجم العداء لها. نظام إرهابي يعيش أوهام نشر الخراب هنا وهناك، وتصدير أفكار طائفية عنصرية دنيئة ومشينة. النظام الإيراني لا يمكنه أن يعيش بصورة طبيعية مع مواطنيه وسكان المنطقة بأكملها، إلى جانب عدائه المعلن للمجتمع الدولي.

إنشرها