Author

التفاؤل

|

لعل أهم عناصر البقاء هو التفاؤل والبناء على الإيجابية. كثير من علماء النفس والاجتماع يربطون السعادة بالإيجابية. الإيجابية هي العنصر الذي يجمع كل الناجحين. هناك كثيرون ممن عاشوا حياتهم في بيئات سلبية وتأسفوا على تلك الحياة بعد فوات الأوان، لكن هذا لا يعني أن نهرب من المشكلات التي تواجهنا، وإنما التعاطي مع كل ما يمكن أن يكون إيجابيا. هذه القيم موجودة عند كبار السن أكثر بسبب خبراتهم المتراكمة، ولعلمهم أن الإيجابية هي الحل لكل ما يمكن أن يعكر صفو الواحد أياما.
هنا نتحدث عن زراعة مفاهيم جديدة في نفوس الصغار أيضا ففي العصر الحديث، ومع الضغوط الحياتية التي تنشأ من الفروقات الاجتماعية والتباعد الشخصي بين أفراد الأسرة الواحدة، نكتشف أن كثيرا من الأطفال يعانون أمراضا نفسية لم تكن موجودة فيمن قبلهم، ولهذا نحتاج إلى زراعة الفكر الجديد في أذهانهم ليتأكدوا من قدرتهم على التفاوض مع الصعاب والتعامل مع كل ما يمكن أن يواجهونه من حالات الوحدة والضغوط المدرسية والمجتمعية.
مثل هذه الرؤية سبق أن تحدث عنها كثير من علماء التربية، والكتاب الذين ينادون بدعم البرامج التعليمية بفترات معقولة من التحفيز والترغيب التي يشكلها تكوين منظومة من المختصين داخل المدارس كوسيلة لتحقيق الراحة التي نبحث عنها لتكوين الشخصية الإيجابية المطلوبة.
على أن الأهمية تزداد مع تقدم الطالب في العمر ومروره بمرحلة المراهقة التي يعاني فيها كثير من الشباب تقلبات نفسية ومجتمعية توجدها نظرتهم الجديدة إلى المجتمع ومكوناته التي يرغبون في الخروج عن سيطرتها. هذا الحال المختلف يستدعي اهتماما أكبر من قبل التربويين، وهو ما يجعل التعليم حالة استثنائية لا يمكن التهاون في متطلباتها، وهو ما ينص عليه النظام التعليمي في المملكة الذي تحول من مجرد البحث عن المعرفة إلى الاهتمام بالتربية لتنشأ أجيال قادرة على مزيد من العطاء والمشاركة.
لعل من أهم العناصر التي تزرع الإيجابية والتفاؤل لدى الطلبة التي أثبتتها الدراسات هو إدراج الأنشطة غير المنهجية والاهتمام بجوهرها وتكلفتها. التي قد تتثاقل عن الاهتمام بها بعض القيادات المدرسية في القطاع الخاص، بينما تكون تلك الاهتمامات الوسيلة الأفضل في تكوين الشخصية المنتجة المتفاعلة التي نتمنى أن نشاهدها في أبنائنا وبناتنا.

إنشرها