Author

مستقبل التسوق الإلكتروني

|


المستوى الذي حققته المنصة الإلكترونية "علي بابا" الصينية للمبيعات في يوم واحد، ليس غريبا عليها، فهي التي باتت تتصدر المشهد العام في هذا الميدان في الصين. بعض الجهات المحلية توقعته لأسباب عديدة، في مقدمتها العدد الهائل من المستهلكين – المشترين في الصين نفسها، والسمعة التي تتمتع بها هذه الشركة محليا على وجه الخصوص، فضلا عن بدء موسم الأعياد والعروض التجارية المغرية ليس في الصين فحسب، بل في كل بلدان العالم تقريبا. وفي الأشهر القليلة الماضية، ضمت "علي بابا" عددا كبيرا من الشركات التجارية المنتجة للسلع والأدوات وغيرها، إلى نطاقها، وارتفاع هذا العدد لم يكن موسميا، بل يعد من وجهة نظر القطاع التجاري في البلاد مستداما. وهذا ما أسهم بالفعل في حجم المبيعات التي حققتها الشركة في يوم واحد.
في هذا اليوم "وهو ما يطلق عليه يوم العزاب"، بلغت مبيعات "علي بابا" أكثر من 38 مليار دولار، واليوم المشار إليه يعد محليا، مهرجانا سنويا للتسوق، تعرض فيه السلع المتوافرة لـ"علي بابا" كلها على المشترين، وهي تراوح بين المكملات الغذائية وأدوات التجميل ومسحوق حليب الأطفال، إلى الإلكترونيات والملابس والأحذية وألعاب الأطفال والمعدات المنزلية. هي - ببساطة - تشمل كل شيء. ففي كثير من البلدان صار التسوق الإلكتروني وجهة أساسية للمستهلكين، ويحقق نموا متعاظما كل عام. ولا شك، أن مواسم التسوق تمثل مناسبة لرفع حجم المبيعات. فهناك شركات منتجة للسلع بأنواعها تنتظر مثل هذه المواسم لتطرح منتجات جديدة أو مطورة في سبيل تحقيق أعلى مستوى من المبيعات.
لكن اللافت أن حجم مبيعات مهرجان "يوم العزاب" عبر "علي بابا"، تباطأ هذا العام إلى 26 في المائة، وهي أقل نسبة زيادة منذ بدء المهرجان في عام 2009، ما يشير "بحسب الخبراء أيضا"، إلى مدى تباطؤ التجارة الإلكترونية في الصين. ولعل ذلك مرتبط بحجم النمو الاقتصادي العام في البلاد الذي يشهد هو الآخر تباطؤا لافتا جدا في الفترة الماضية. لكن في النهاية، تدخل مبيعات هذا العام في يوم واحد التاريخ فعلا؛ بسبب حجمها المرتبط بفترة البيع "أي 24 ساعة"، وليس حجمها المتعلق بمهرجان التسوق السنوي كله. دون أن ننسى، أن "علي بابا" تحقق نجاحات متوالية منذ نشأتها حتى الآن، واحتلت مكانة عالية على الصعيد العالمي في ميدان التجارة الإلكترونية بشكل عام، بل تجاوزت كثيرا من المنصات المشابهة دوليا من حيث القيمة والنشاط.
في كل الأحوال، وبصرف النظر عن المستوى الراهن لمهرجان التسوق في الصين لهذا العام، فالتسوق الإلكتروني بات محورا رئيسا في أغلبية البلدان تقريبا، بحيث صارت له آثار سلبية في الشوارع التجارية التقليدية. ففي بريطانيا "على سبيل المثال"، تطرح الحكومات والأحزاب السياسية هذه المشكلة في كل المناسبات. وهذا يفسر بالفعل حجم المحال التجارية التي تغلق أبوابها في أشهر الشوارع التجارية في العالم. وفي بعض المدن أصبحت ميادينها المركزية شبه مهجورة، والسبب هو تفوق التسوق الإلكتروني، الذي يوفر كل خدمات ما بعد البيع، تماما كما هو الحال في كل المحال التجارية العادية الأخرى. يضاف إلى ذلك أن تكاليف التشغيل أقل بكثير، ولا تقارن بين التسوق التقليدي والإلكتروني. ولا شك في أن المستقبل سيكون من مصلحة التسوق الإلكتروني على المستوى العالمي.

إنشرها