Author

الأمن الدوائي «2»

|

أشرنا في المقالة السابقة إلى أن اكتشاف دواء واحد جديد يكلف مئات الملايين من الريالات، ويستغرق عشرات الأعوام من البحوث المتواصلة، إلا أنه في حال التوصل إليه وإنتاجه سيغطي كل تكاليفه في فترة وجيزة، وسيحقق أرباحا طائلة خاصة أن الأنظمة الصحية العالمية تنص على فترة تمتد لعدة أعوام لا يسمح لغير الشركة الأم التي توصلت إلى هذا الدواء بإنتاجه وتسويقه.. وحقيقة لا أجد عذرا لمصانعنا المحلية في ألا تتوجه لمثل هذا الأمر وليس بالضرورة أن تكون بمفردها أو بجهودها الذاتية، وإنما يمكن ذلك من خلال التعاون مع الجهات العلمية ذات العلاقة مثل كليات الصيدلة والطب والعلوم والمراكز البحثية الأخرى، خاصة أنها تتلقى دعما كبيرا توفره الدولة ممثلة في صناديقها المختلفة من خلال قروض ميسرة دون فوائد تقدمها لتلك المصانع.. وعودا على بدء فإن الثروة النباتية الهائلة التي تزخر بها المملكة تعد حجرا أساسا للأمن الدوائي ومصدرا غنيا لمركبات دوائية جديدة لم يسبق أن تم فصلها أو التعرف على تركيبتها الكيماوي من قبل.. وبالفعل فإن العلماء والباحثين في مختبرات ومعامل كليات الصيدلة في جامعاتنا يقومون وبشكل دائم بفصل مثل تلك المركبات المهمة التي سينتهي بها المطاف، وبكل أسف، في النشر في المجلات العلمية ذات العلاقة، ومن ثم تتلقفها شركات الأدوية الأجنبية وتقوم بتصنيعها كيميائيا، ومن ثم تضمينها في بعض الأدوية التي ستصدر لاحقا لمختلف دول العالم ومنها المملكة.. إنني ومن خلال منبر "الاقتصادية" أدعو جميع شركات الأدوية المحلية ومصانع الأدوية إلى التعاون الوثيق مع الأوساط العلمية في جامعاتنا، التي تقوم بعضها منذ ما يزيد على 50 عاما بالبحث في مجال الأدوية والمركبات الكيميائية سواء من خلال الدراسة العلمية التي تجريها على النباتات الطبية العطرية والسامة أو الدراسات التي تتم على الكائنات والنباتات البحرية والفطريات أو الكائنات الحية الدقيقة.. ومن خلال هذا الالتحام والتعاون الوثيق بين القطاع العلمي الجامعي والقطاع الصناعي ستكون المحصلة دعما قويا للاقتصاد الوطني وهو ما تنشده كل تلك الجهات، كما أن للتنسيق بين الشركات الدوائية المحلية دورا مهما بل إن النظر في دمج بعض الشركات خاصة الصغيرة منها، لتصبح كيانات كبيرة قادرة على المنافسة العالمية سواء في الأسواق المحلية أو الإقليمية أو العالمية يعد أمرا بالغ الأهمية.

إنشرها