default Author

الرؤية عبر الجدران

|


أن تصبح خارقا أو شفافا وتخترق الجدران وتستطيع ليس سماع من خلفها فقط بل رؤيته، كان حلما ومن أوهام الطفولة ومجرد التفكير فيه ضرب من الجنون!
فهو شيء فوق قدرات البشر، لكن العلم والتقنية جعلا من المستحيل واقعا ومن غير المرئي مرئيا. ورد ذلك في ورقة علمية نشرت حديثا توصل فيها الباحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى طريقة تساعد العين على رؤية العالم عبر الجدران وفي الظلام وأثناء الضباب، مستخدمين لذلك موجات التردد اللاسلكي "موجات الراديو"، حيث تتم معالجتها لتولد هياكل عظمية بشرية ثلاثية الأبعاد ورصد تحركاتها وسكناتها طوال الوقت وكأنهم معك في المكان نفسه.
قام العلماء بتدريب الحاسوب على رصد موجات الراديو التي أنشأوها باستخدام صور الضوء المرئي، وتم تسجيل الفيديو نفسه مرتين في كل من الضوء المرئي وموجات الراديو وتحديد الإشارات المشتركة، ثم تدريب شبكة عصبية حاسوبية للتعرف على النشاط البشري عند التقاطه باستخدام موجات الراديو في غياب الضوء. ونجحت العملية وتمكن الحاسوب من تتبع تصرفات الأشخاص المخفيين!
والمدهش أنها لم تكن المرة الأولى التي يحاول فيها العلماء اختراق الجدران ورؤية ما خلفها، فقد سبق وأن حاولوا، لكن باستخدام موجات "الواي فاي" التي تتطلب أجهزة معينة لالتقاط الموجات، ما يجعل التقنية الحديثة أفضل وأسهل لأن موجات الراديو توجد بشكل طبيعي وأكثر انتشارا من موجات "الواي فاي".
يعيب هذه الطريقة عدم وضوح الرؤية بحيث لا يمكنها تحديد وجوه الأشخاص بدقة، حيث يظهرون كخيالات يتم رصد عددهم وتحركاتهم وينصح بها كبديل آمن لكاميرات الإضاءة المرئية وأكثر دقة في رصد التفاصيل!
وتزداد الحاجة إلى هذه التقنية في هذا العصر بالذات خصوصا في المجالات العسكرية والمدنية والطبية. فتخيل معي أنك تملك قدرة الأشعة السينية لاختراق الحواجز وتستطيع أن ترى ما يدور خلف جدار بيتك وما يحدث داخل جسمك وكذلك الكشف عن الألغام لعدة أمتار تحت الأرض، وتحديد مواقع المعتدين داخل المباني دون تعريض الأرواح للخطر.
والكشف عن الأشخاص تحت الأنقاض في حال الكوارث أو في حال نشوب حريق، فيكفي التغير الناتج عن التنفس أو دقات القلب للكشف عن وجود المحتجزين. كما يمكن أن تسهم هذه التقنية في تحديد مواقع الأنابيب والأسلاك الكهربائية في الجدران، ما يقلل الأخطار والمتاعب المترتبة عن الحفر الخطأ وكثير من التطبيقات الطبية!

إنشرها