Author

جهود تنظيف المحيط من النفايات البلاستيكية

|


أعلنت أخيرا مؤسسة "أوشن كلين أب" وهي مؤسسة هولندية غير ربحية تكرس جهودها للقضاء على التلوث البلاستيكي في المحيطات أولى نجاحاتها في مجال جمع النفايات البلاستيكية. بعد أعوام من التجارب التي حيرت عقول مهندسي المؤسسة لإيجاد حلول لتحديات التصميم، قام أحدث جهاز أولي غير ربحي بجمع النفايات البلاستيكية بثبات من دوامة نفايات شمال المحيط الهادئ.
بعد أعوام من العكوف على لوحة التصميم حققت المؤسسة أخيرا نجاحها الأول في مجال التقاط وجمع نفايات البلاستيك بشكل ثابت، وذلك بفضل النموذج الأولي المدمج. وعلى سبيل المكافأة الإضافية لهذه الجهود وجد أن النموذج الأولي لم يكن قادرا على جمع العناصر الكبيرة المرئية فحسب، بل أيضا المواد البلاستيكية الدقيقة التي يبلغ قطرها ملليمترا واحدا.
قال بويان سلات المؤسس والرئيس التنفيذي للمؤسسة: "بعد بدء هذه الرحلة منذ سبعة أعوام، تشير نتائج تجارب العام الأول في البيئة القاسية في أعالي البحار إلى أن رؤيتنا قابلة للتحقيق ومهمتنا لتخليص المحيط من القمامة البلاستيكية التي تراكمت على مدى عقود أصبحت على وشك البدء. لقد ظل فريقنا محتفظا بتصميمه على حل التحديات التقنية الهائلة للوصول إلى هذه المرحلة. وعلى الرغم من أنه لا يزال أمامنا كثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به، إلا أنني أشعر بالامتنان الدائم لالتزام الفريق وتفانيه في المهمة وأتطلع إلى الانتقال إلى المرحلة التالية من التطوير".
دوامة نفايات شمال المحيط الهادئ التي تقع في المحيط بين هاواي وكاليفورنيا هي البقعة التي تضم أكبر تجمع للحطام البلاستيكي. ولأنها دوامة نفايات فإن حركتها الدائرية تسحب القمامة نحوها وتحاصرها في كتلة مركزة. وتتفاقم أخطار هذه الدوامة نتيجة رشح المواد الكيميائية الضارة المسببة للمشكلات الصحية. كما تعرض هذه الدوامة الحياة البحرية للأذى، حيث تشير تقارير عديدة إلى تسببها في اضطرابات في أنماط التغذية والهجرة ما يهدد في النهاية بقاء الأنواع ونجاحها في التكاثر.
وكانت الحاجة إلى إزالة النفايات البلاستيكية الملوثة للمحيط الهادئ هي التي ألهمت بويان سلات تأسيس هذه المؤسسة عام 2012. ومنذ ذلك الحين يسعى مهندسو هذه المؤسسة غير الربحية إلى تطوير جهاز لتخليص المحيط من القمامة. وتستخدم النماذج الأولية المختلفة للأجهزة نظاما سلبيا يضمن تحركها مع التيارات أثناء اصطياد النفايات البلاستيكية.
تطمح هذه المؤسسة غير الربحية إلى تطوير مزيد من النماذج الأولية على أمل نشر أسطول مستقبلي من أنظمة جمع النفايات في المحيطات. وستتم إعادة تدوير البلاستيك الذي يتم جمعه على الشاطئ ثم بيعه لشركات تتعامل مع المستهلكين بشكل مباشر. وسيجري استثمار إيرادات إعادة التدوير في خطط توسع المؤسسة سعيا لتحقيق مزيد من النجاحات في مجال إدارة نفايات المحيطات والصرف الصحي.
وبعد أن أعلنت المؤسسة أخيرا نجاحها الأول في جمع النفايات البلاستيكية من دوامة نفايات شمال المحيط الهادئ، يقوم فريق المؤسسة بتكثيف الجهود لمعالجة نقاط دخول النفايات الرئيسة والمتمثلة في الأنهار. ولمعالجة 1000 نهر هي المسؤولة عن نحو 80 في المائة من تلوث المحيطات بالبلاستيك على مستوى العالم، قامت المؤسسة غير الربحية بنشر اختراع جديد، وهو جهاز يعرف باسم "المعترض"، حيث يمسك "المعترض" بالقمامة البلاستيكية ويجمعها، ويمنع تدفقها من الأنهار إلى المحيطات.
ويقول بويان سلات المؤسس والرئيس التنفيذي للمؤسسة: "لتخليص المحيطات من البلاستيك بشكل فعلي نحتاج إلى القيام بأمرين، أولا تنظيف التلوث القديم المتمثل في القمامة التي تراكمت منذ عقود ولا تزول من تلقاء نفسها، وثانيا نحتاج إلى إغلاق الصنبور المغذي ما يعني منع وصول مزيد من البلاستيك إلى المحيطات في المقام الأول، والأنهار هي الشرايين التي تحمل القمامة من اليابسة إلى المحيطات".
وقد بدأ تطوير جهاز "المعترض" عام 2015، وكأول حل قابل للتطوير من المؤسسة لوقف تدفق النفايات البلاستيكية من الأنهار إلى المحيطات يأخذ الجهاز شكل طوف ويضم مرساة وحزاما ناقلا وبارجة وسلة مخلفات. ويعمل الجهاز بشكل مستقل ويمكنه استخراج 50 ألف كيلوجرام من القمامة يوميا قبل أن يحتاج إلى إفراغها.
ويعمل جهاز "المعترض" بنسبة 100 في المائة بالطاقة الشمسية وعلى مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع دون ضوضاء أو أبخرة عادم. ويتم وضع الجهاز حيث لا يتعارض مع حركة السفن ولا يضر بسلامة وحركة الحياة البرية.
يتم إرساء جهاز "المعترض" في مجرى النهر عند المصب المتدفق إلى المحيط. وبفضل الحاسب الآلي الداخلي المتصل بالإنترنت يراقب الجهاز باستمرار أداء واستخدام الطاقة وسلامة المكونات. وبفضل حاجز الجهاز يتم توجيه النفايات البلاستيكية المتدفقة في اتجاه مجرى النهر إلى فتحة الجهاز، حيث ينقل الحزام الناقل النفايات إلى داخل الجهاز وبعد ذلك يتم توزيع النفايات على ست سلال نفايات بالتساوي إلى أن يشير المستشعر إلى امتلائها. وعندما تكون هذه السلال ممتلئة تقريبا، يرسل الجهاز تلقائيا تنبيها برسالة نصية للمشغلين المحليين لإزالة البارجة وتفريغ سلال النفايات. ثم يتم نقل النفايات البلاستيكية إلى مرافق إدارة النفايات المحلية، وإرجاع البارجة إلى جهاز "المعترض" ليقوم بدورة أخرى.
وحتى الآن هناك ثلاثة أجهزة تعمل بالفعل في إندونيسيا وماليزيا وفيتنام. ومن المنتظر أن تتلقى جمهورية الدومينيكان الجهاز التالي الجاري تصنيعه، بينما توجد دول أخرى في قائمة الانتظار. وفي الولايات المتحدة تقوم ولاية لوس أنجلوس بوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقيات لشراء أجهزة في المستقبل القريب. ويبلغ سعر الجهاز الواحد حاليا 700 ألف يورو أي نحو 777 ألف دولار أمريكي. ويرى بويان سلات أنه مع زيادة الإنتاج فإن التكلفة ستنخفض مع مرور الوقت. وبطبيعة الحال فإن فوائد إزالة البلاستيك تفوق بكثير تكلفة تصنيع هذه الأجهزة، وكما أوضح سلات فإن "نشر هذه الأجهزة أرخص من عدم نشر أي شيء على الإطلاق".

إنشرها