Author

السعودية والاستثمار في التقنيات الناشئة

|

شهدت السعودية في الأيام القليلة الماضية لقاءات مهمة بدأت باستقبال خادم الحرمين الشريفين، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، ثم تلا ذلك الاستقبال توقيع اتفاقية بين المملكة والمنتدى الاقتصادي العالمي لإنشاء مركز الثورة الصناعية الرابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي في المملكة، الذي يعد الخامس على مستوى العالم. ومن الواضح جدا أن لهذا المركز أهمية عالمية وأن الثورة الصناعية الرابعة أصبحت واقعا معاصرا، والمملكة تريد أن تكون سباقة في هذا المجال، لكن الثورة الصناعية الرابعة كمفهوم لم يزل غير دقيق الملامح وإن كانت التقنية هي الماكينة الجديدة فيه، لكن بشكل عام فإن أي ثروة صناعية تحمل في طياتها سمات جديدة، وأهم سمة اليوم هي أن إنتاج القيمة والثروة لم يعد مرهونا بالعقل البشري بل هناك اليوم الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يشارك الإنسان قدرته على إنتاج الثروة والقيمة، ولهذا الأمر حساباته الجديدة، ومع هذا يبذل مركز الثورة الصناعية الرابعة جهدا كي يكون له قصب السبق فيه، ومن يعمل اليوم بسرعة حركة واندفاع الذكاء الاصطناعي سيكون القادر على البقاء في المستقبل، ولهذا تعمل المملكة اليوم ضمن منظومة عالمية متسقة على أن تكون حاضرة في المشهد الاقتصادي سواء اليوم أو في المستقبل، هنا نقرأ توقيع الاتفاقية بين وزير الاقتصاد والتخطيط ورئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، ذلك أن هذا التعاون يعني انخراط المملكة في شبكة الثورة الصناعية الرابعة العالمية مع بلدان مثل الولايات المتحدة والهند والصين واليابان، وسيتيح المركز فرصة التعاون مع مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات العالمية والشركات الخاصة، في إطار الجهود الرامية إلى تطوير حلول فاعلة لتحديات القطاعات الحيوية وإعداد الكفاءات ورفع مستوى القدرات، وبناء مواهب متقدمة في المجالات ذات العلاقة بالثورة الصناعية الرابعة.
تضع منظمة مراكز الثورة الصناعية الرابعة C4IR، رؤيتها في بذل الجهود وجمع الخبرات والخبراء من جميع أرجاء العالم معا للمساعدة على تشكيل تطوير وتطبيق التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعى
وblockchain، لتكون لمصلحة البشرية. وهذا العمل الرصين يتمثل في بناء شبكة عالمية تسهم في بناء الحوكمة العالمية بهذا الشأن من خلال إتاحة الفرص للمشاركة في تصميم واختبار وصقل بروتوكولات الإدارة وأطر السياسات لتكريس الفوائد وتقليل المخاطر الناتجة عن العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، وأيضا تسريع التأثير وتحفيز التغيير، وهذا يتطلب جمع جميع أصحاب المصلحة في شبكة عالمية واحدة تجمع بين الحكومات ومؤسسات الأعمال والشركات الناشئة الديناميكية والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمنظمات الدولية من جميع أنحاء العالم للعمل معا في تسعة مجالات لتكنولوجية ناشئة، وكل ذلك في مجمله من أجل أن تكون جميع القرارات التي تتعلق بالذكاء الاصطناعي وتطويره خاضعة ابتداء لمصلحة البشرية، فإذا كانت هناك مخاطر من الذكاء الاصطناعي ومن تطوير إنترنت الأشياء فإن العقل البشري في مجمله قادر من خلال هذه المراكز على صناعة التغيير الذي يمنح السلام والاستدامة، وانطلاقا من إدراك ذلك فإنه يجب التحرك بإيجابية الآن لضمان أن التكنولوجيات الناشئة تساعد - وليس فيها إضرار - البشرية في المستقبل. بهذه الروح وهذه المفاهيم يعمل مركز شبكة الثورة الصناعية الرابعة على مجالات رئيسة وهي: إنترنت الأشياء والروبوتات والمدن الذكية، سياسة البيانات، سياسة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، الطلب الأساسي، التجارة الرقمية، الدرونز والنقل ذاتي الحركة، blockchain والحسابات الموزعة.
وكما أشارت أماندا روسو، رئيسة تطوير المحتوى الإعلامي في المنتدى الاقتصادي العالمي، في مقال لها في «الاقتصادية» بهذا الشأن، إلى أن الحكومات تنفق اليوم بكثافة في التقنيات الناشئة وذلك لتعزيز النمو لكن هذا يحتاج إلى مزيد من التعاون العالمي لبناء ضمانات أفضل للإنسانية، ومن اللافت أن المملكة قد سبقت هذه الاتفاقيات بمجهودات كبيرة لتسريع الدخول الآمن لهذه التقنية وثروتها الصناعية إلى الاقتصاد من خلال وضع خطة التحول الرقمي كجزء من "رؤية 2030"، كما تم إطلاق خدمات الـ5G وإنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي.

إنشرها