Author

«أرامكو» .. لن أحدثكم عن الاكتتاب

|

الآن بوسع أي منا أن يمتلك قطعة من "أرامكو"، قطعة مشاعة. لكن ما كنا ننظر إليه أنه الخزان أو لعل المفردة الأصح "الخزينة" التي تمول انتقالا لنا من حال إلى حال.. قد تحول من شركة أتت من بعيد للتنقيب واستخراج النفط في عام 1933، وأصبحت بعد 86 عاما عملاقا لا منافس له بين شركات العالم، ليس ذلك فقط، بل أسهمت دون كلل أو ملل في تشكيل وولادة اقتصاد عملاق. هذه إنجازات ليس بالإمكان نسبتها فقط إلى المال، بل لتوظيف الفرصة التي أتيحت لبلادنا، فتحولت بنظرة ثاقبة من الملك المؤسس من استغلال ثروة من قبل شركة أجنبية إلى رافعة لاقتصاد عاش دهورا الفقر والعوز، والانتقال به ليصبح أكبر اقتصاد في إقليمه من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وقبل ذلك الاهتمام بتمويل برنامج للبنية التحتية لم يكن موجودا أصلا، إذ كان لا بد من البدء من البداية فيافي وقفارا، وهكذا كان لا بد من ربط الأوصال المقطعة والأقاصي المتباعدة بشبكات من الطرق والمطارات وشبكات الاتصال. وفوق ذلك، تمويل تنمية اجتماعية للتغلب على الفقر والجوع والمرض.
ليس بالإمكان اختزال تاريخ يقارب تسعة عقود ويزيد في عبارات معدودة، لكن لا بد في هذا اليوم ونحن نشهد طرح كائن لطالما كان حاضرا أثره في كل ميزانية وخطة خمسية، لكنه كان صندوقا له تأثيره الكبير.. لا بد من أن نذكر البدايات، ولو على عجل، ليس من باب اجترار الكلمات، بل للقول إن لكل قصة بداية ثم تتعاقب الفصول، وفصول "أرامكو" كانت نموا متواصلا لها كشركة، ولموطنها كحضن وحصن. والفصل الجديد الذي نختطه مع راسم "الرؤية" الأمير محمد بن سلمان أن نستنهض قوة الاستثمار في هذه الشركة العملاقة، التي تستبطن في جوفها شركات وتقنيات وبراءات والأهم من ذلك رجالا ونساء من أبناء هذا الوطن يختزنون علما وخبرة ومعارف، كل ذلك مجبول بحب الوطن والسعي إلى تقدمه وارتقاء اقتصاده. فكما مولت إيرادات "أرامكو" عبر عقود التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وجعلت من الإنفاق الحكومي قاطرة للاقتصاد السعودي حتى أصبح الأكبر من حيث قيمة الناتج المحلي الإجمالي، ستجعل بإذن الله حصيلة اكتتاب "أرامكو" للقطاع غير النفطي آفاقا أوسع وأكثر تنوعا، بما يسهم في استحضار أنشطة اقتصادية ترتكز إلى المزايا التنافسية أكثر من ارتكازها إلى المزايا النسبية الصرفة. اليوم هو مفترق جديد يضع القطاعات الاقتصادية -التي عاشت في ظله دهرا- في مركز الاهتمام مدعومة لتجاوز التحديات.

إنشرها