الطاقة- النفط

المخزونات الأمريكية تضغط أسعار النفط .. والأسواق تترقب نتائج المفاوضات التجارية

المخزونات الأمريكية تضغط أسعار النفط .. والأسواق تترقب نتائج المفاوضات التجارية

مالت أسعار النفط أمس إلى التراجع بعد عدة مكاسب سابقة، بفعل قفزات في مخزون الخام الأمريكي، فيما تتلقى الأسعار في المقابل دعما من التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة والصين ينهي موجة طويلة من النزاعات التجارية، التي انعكست على النمو العالمي، وأدت إلى اتساع المخاوف من الركود والتباطؤ الاقتصادي.
وبحسب "رويترز"، سجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 61.78 دولار للبرميل، بانخفاض 1.19 سنت، ما يعادل 1.84 في المائة، وكان برنت قد ارتفع أمس الأول عند التسوية 1.3 في المائة.
ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 86 سنتا، ما يعادل 1.49 في المائة إلى 56.34 دولار للبرميل، وكان قد سجل مكاسب 1.2 في المائة في الجلسة السابقة.
ووفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن مخزونات الخام في الولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي مع تقليص مصافي التكرير الإنتاج بشدة، في حين انخفض مخزون البنزين ونواتج التقطير.
وارتفعت مخزونات الخام 7.9 مليون برميل في أسبوع حتى أول تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما توقع المحللون ارتفاعها 1.5 مليون برميل.
وزادت مخزونات الخام بنقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما 1.7 مليون برميل، حسبما ذكرته إدارة المعلومات.
وتراجع استهلاك الخام بمصافي التكرير 237 ألف برميل يوميا، وفقا للبيانات، وهبط معدل تشغيل المصافي 1.7 نقطة مئوية.
وتراجعت مخزونات البنزين 2.8 مليون برميل، في حين توقع المحللون في استطلاع أن تنخفض 1.8 مليون برميل.
وتراجعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 622 ألف برميل، مقابل توقعات لانخفاض قدره 949 ألف برميل، وارتفع صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام 336 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي.
وكانت السوق النفطية تلقت دفعة إيجابية من تقرير "أوبك" حول مستقبل الطلب الصادر أول أمس، حيث ذكر محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة "أوبك" أن آفاق سوق النفط لعام 2020 قد تشهد صعودا محتملا، وبحسب تقرير "أوبك" عن آفاق سوق النفط لعام 2019، من المتوقع أن تقل الكميات، التي توردها المنظمة في الأعوام الخمسة المقبلة في ظل نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي ومصادر منافسة أخرى.
ويعتقد مختصون ومحللون نفطيون أن تقرير "أوبك" الصادر أمس أسهم في تعزيز الثقة بقدرة الاقتصاد العالمي على تخطي العقبات والمخاطر الجيوسياسية الحالية في ضوء بيانات إيجابية عن مستقبل العلاقة بين العرض والطلب وفرص الحفاظ على الاستقرار والتوازن المستدام في السوق، خاصة في ضوء توقعات بتعميق تخفيضات الإنتاج خلال الاجتماع المرتقب لوزراء الطاقة في "أوبك" وخارجها الشهر المقبل.
في هذا الإطار، تقول لـ"الاقتصادية"، نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن تقرير "أوبك" وأبحاثها عادة ما تتسم بالعمق الشديد، ولذا اكتسبت مصداقية واسعة ومتابعة كبيرة من كل الأوساط الاقتصادية والمالية الدولية، وعادة ما يكون لها دوما مردود إيجابي على الأسواق لولا الارتفاع المفاجئ في مستوى المخزونات الأمريكية، الذي أدى إلى تراجع الأسعار.
وأضافت نايلا، أن الحيادية والدقة تعد السمة الرئيسة لبيانات "أوبك"، ولذا لم يكن غريبا أن نجد اعترافا من المنظمة بأن الطلب على نفطها خلال الأعوام القليلة المقبلة سيكون أضعف بشكل كبير عما كان يعتقد في السابق، ويرجع ذلك في الأساس إلى عدة عوامل متضافرة أهمها بيانات ضعف النمو واستمرار وفرة المعروض وتخمة الإمدادات من دول الإنتاج العديدة في "أوبك" وخارجها، علاوة على ضغوط تغير المناخ والتزامات المنظمة بدعم اتفاق باريس المناخي في 2015.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" للطاقة، أن "أوبك" نقلت رسالة مهمة في تقريرها الجديد أهمها نجاح الشراكة مع دول خارج "أوبك" والعمل على تطويرها بشكل مستمر والتمسك بسياسات تقييد المعروض باعتبارها الآلية الأنسب لظروف السوق الراهنة، التي تعجل بحدوث التوازن بين العرض والطلب في المدى القصير.
وذكر تسبرات، أن "أوبك" تجيد قراءة السوق وتطوراتها، وهي متنبهة للغاية لما يحدث من نمو الإنتاج من خارج المنظمة بشكل مستمر وبوتيرة آخذة في الارتفاع، ولا سيما من الولايات المتحدة، مضيفا أن المنظمة ملتزمة بالعمل على تقييد الإمدادات وكبح الإنتاج لعدة أعوام لمنع انهيار الأسعار، لمواجهة نمو هائل في إمدادات النفط الصخري الأمريكي، الذي يتوقع كثيرون أن يتباطأ قريبا وبشكل كبير.
من ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، لوكاس برترير المحلل الاقتصادي في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، إن تقرير "أوبك" يلاحظ فيه الانشغال الواسع بقضية النمو العالمي والقلق من تراجع تلك المعدلات جراء الحرب التجارية، خاصة أنه يقابلها اتساع كبير في مستوى الإمدادات، بخاصة من دول مثل النرويج والبرازيل وكندا وجيانا.
وأشار برترير إلى أن "أوبك" قادرة على التغلب على هذا المأزق ولها تجارب إيجابية واسعة في التغلب على حالة وفرة المعروض في مقابل ضعف الطلب مثلما حدث في عام 2016، لافتا إلى أن تكرار الإشارة إلى تغير المناخ لمرات عديدة في التقرير يعكس التزام المنظمة باتفاق باريس ورغبتها الجادة في الالتزام بكل المعايير الدولية ورفع الكفاءة بما يعزز مستقبل الصناعة.
ونوه برترير إلى أن التقرير أقر بأن السيارات الكهربائية "تكتسب زخما"، ولكنها مع ذلك لن تنازع السيارات التقليدية ولن تتجاوز حصتها 13 في المائة في عام 2040.
بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية"، ماثيو جونسون، المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن الاطمئنان إلى استمرار النفط والغاز كقائد ومهيمن على مزيج الطاقة كان سمة واضحة في التقرير السنوي، وهو ما يدحض أي محاولات لتهميش دور المنظمة المحوري في الاقتصاد العالمي وفي منظومة الطاقة الدولية بصفة خاصة.
ولفت جونسون إلى تأكيد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك، أن نمو الطاقة المتجددة لا يعني إبعاد النفط والغاز، اللذين سيوفيان معا بأكثر من 50 في المائة من احتياجات العالم من الطاقة حتى 2040، مشيرا إلى أن نمو الاستهلاك قد يتباطأ بينما سينمو الطلب، خاصة في الدول الآسيوية.
ونوه جونسون بتأكيدات باركيندو بأن قطاعي النفط في مشروعات المنبع والوسط والمصب يحتاجان إلى 10.6 تريليون دولار من الاستثمار في الفترة حتى 2040 موضحا أن الأسواق مطمئنة بشكل كبير لتعهدات "أوبك" بإجراء الاستثمارات اللازمة للحفاظ على إمدادات جيدة للمستهلكين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط