FINANCIAL TIMES

رادار «السلوك المالي» يتوجه نحو تجاوزات مديري الاستثمار

رادار «السلوك المالي» يتوجه نحو تجاوزات مديري الاستثمار

تم تسليط الضوء على عادات الاستثمار الشخصية لمديري الصناديق في أعقاب مغادرة أحد كبار منتقي الأسهم في "كابيتال جروب" وإجراء تحقيق تنظيمي حول الكيفية التي يضبط بها أصحاب العمل موظفيهم.
تحقيق أجراه برنامج بانوراما على قناة "بي بي سي" الشهر الماضي أدى بشكل مفاجئ إلى استقالة مارك دينينج، مدير المحفظة من مجموعة كابيتال، إحدى أكبر شركات إدارة الصناديق في العالم. زعمت قناة "بي بي سي" أن دينينج الذي عمل في مجموعة كابيتال لمدة 36 عاما وينفي ارتكابه أي مخالفات، انتهك القواعد من خلال الاستحواذ على أسهم في شركات كانت مملوكة أيضا لصناديق استثمار يشارك في إدارتها.
جاءت هذه الكشوفات بعد أيام فقط من إصدار هيئة السلوك المالي، وهي هيئة المراقبة البريطانية، تقريرا يسلط الضوء على مخاوفها بشأن الطريقة التي تشرف بها الشركات على إفصاحات الاستثمار الشخصي للعاملين فيها.
قالت شارلوت لونجمان، المديرة في الشركة الاستشارية "أيه سي أيه كومبليانس" ACA Compliance: "هناك بالتأكيد مزيد من المراقبة على الصفقات الشخصية. تبحث هيئة التنظيم عن كثب أكثر في السلوكيات المسيئة المحتملة".
اتصل قسم FTFM بـ35 شركة إدارة استثمار لديها عمليات كبيرة في المملكة المتحدة طالبا تزويده بسياسة صفقات الحسابات الشخصية PAD لديها، وهو بروتوكول تنظيمي يجب أن يلتزم به موظفو الاستثمار. تم تصميم ما يسمى سياسات PAD لضمان انفتاح موظفي الاستثمار بشأن استثماراتهم الشخصية وتجنب تضارب المصالح مع الطريقة التي يديرون بها أموال العملاء.
أحد الأمثلة الأكثر تطرفا على التجاوزات التي تم تصميم سياسات PAD لتجنبها هو الاستفادة من المعرفة المسبقة بطلبات العملاء. هذا شكل من أشكال التداول القائم على معلومات سرية. هنا، الموظفون الذين يعرفون أن عملاءهم يخططون للاستثمار في أوراق مالية معينة يستثمرون هم أنفسهم فيها قبل تقديم طلب العميل على أمل الاستفادة من ارتفاع سعر الأصول.
من المفترض أيضا أن تلغي سياسات PAD أي تضارب في المصالح، حيث يتخذ الأفراد قرارات استثمار شخصية تتعارض مع التوصيات التي يقدمونها للعملاء.
من بين شركات إدارة الصناديق الـ35 التي اتصل بها قسم FTFM، قدمت 16 شركة سياساتها، ورفضت البقية أو لم تستجب بحلول وقت النشر. تلك التي رفضت غالبا ما تستشهد بقواعد الشركة حول عدم تقديم السياسات الداخلية. لكن أخرى كانت أكثر استعدادا، حيث نشر كثير منها -بما في ذلك مجموعة كابيتال– مدونات قواعد السلوك الخاصة بها على مواقعها الإلكترونية ليتمكن العملاء من الوصول إليها.
قواعد السوق الأمريكية تشترط على شركات إدارة الصناديق التي تعمل في البلاد تقديم مدونات قواعد السلوك الخاصة بها إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات، لذلك يمكن العثور على سياسات PAD لمعظم شركات الإدارة على الإنترنت. هيئة السلوك المالي لا تشترط على الشركات التي تتولى تنظيمها تقديم إفصاحات مماثلة، لكنها تأخذ انتهاكات سياسات PAD على محمل الجد.
أصدرت هيئة السلوك المالي الشهر الماضي تنبيها للسوق بعد تحقيق أجرته في الكيفية التي تعمل بها الشركات الخاضعة للتنظيم على ضبط موظفيها بشأن سياسات صفقات الحسابات الشخصية الخاصة بهم. ركزت الدراسة على شركات الوساطة المالية، لكنها أيضا شملت تجربة هيئة التنظيم في مراقبة الإبلاغ عن الصفقات في جميع المجالات.
قالت الهيئة: "نشعر بالقلق إزاء عدد المرات التي نرى فيها انتهاكات واضحة لسياسات PAD والقضايا التي برزت نتيجة لذلك".
وهذه تشمل عدم فهم الموظفين لسياسات شركتهم، على الرغم من توقيع بيانات تفيد بأنهم قرأوها وفهموها وامتثلوا بها؛ واعتقاد الشركات والموظفين أن الجهل بالسياسة هو دفاع مقبول إذا انتهكوها؛ وعدم قيام موظفي الامتثال بإبلاغ أصحاب عملهم عمدا باستثماراتهم الشخصية، وإخفائها في بعض الأحيان من خلال استخدام أسماء الأقارب في حساباتهم.
من بين الانتهاكات الأكثر خطورة التي حددتها هيئة السلوك المالي: تداول الموظفين في أسهم شركتهم الأم من خلال منتجات مثل المضاربة على ارتفاع أسعار أصول معينة، وشراء مديري الصناديق أوراقا مالية كانوا قد نصحوا صندوقهم ببيعها، واستفادة الموظفين من المعرفة المسبقة بطلبات العملاء.
قالت هيئة السلوك المالي إن هناك أيضا حوادث أبلغ فيها أصحاب العمل عن تداول مشبوه من قبل موظفيهم، لكن تلك الشركات التي أبلغت عن الانتهاكات فشلت أيضا في الالتزام بشكل صحيح بالإرشادات الخاصة بها. أضافت الهيئة: "في هذه الحالات، ليس من الواضح أن جميع الشركات تتخذ الإجراءات المناسبة بعد تحديد هذا السلوك، مثل التحقيق، والنظر في كيفية تخفيف المخاطر الناجمة عن أولئك الموظفين، أو اتخاذ إجراءات تأديبية ضد الموظفين الذين انتهكوا سياسة PAD في شركتهم".
إيما رحمانينوف الشريكة في مكتب المحاماة Freshfields Bruckhaus Deringer، قالت إن الشركات الاستثمارية ستأخذ تدخل هيئة السلوك المالي في سياسات الصفقات الشخصية على محمل الجد. "تقول هيئة السلوك المالي: ’لدينا مخاوف وقد تم تحذيرك‘".
وأضافت أن إدخال نظام كبار المديرين والشهادات الشهر الماضي سيساعد الشركات على ضمان امتثال موظفيها لمثل هذه السياسات. قالت: "سيساعدها هذا في التأكد من أن الأفراد داخل هذه الشركات يدركون هذه الالتزامات وأنهم يمتثلون للضوابط الداخلية لتلبية هذه المتطلبات".
تم اتهام هيئة السلوك المالي في السابق باتخاذ نهج لين تجاه الجرائم الإدارية. حرية طلب المعلومات أظهرت أن هيئة التنظيم تلاحق ثماني قضايا خاصة بالتداول على أساس معلومات سرية، وحصلت على 12 إدانة، بين عامي 2013 و2018.
من بينها كانت القضية البارزة لمدير الصناديق السابق في "بلاك روك"، مارك ليتلتون، الذي كان يدير صندوقا بقيمة ملياري جنيه لمصلحة المجموعة الأمريكية. في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، اعترف بالذنب في تهمتين باستخدام معلومات سرية للتداول في الأوراق المالية في اثنتين من شركات الطاقة. وحكم عليه بالسجن لمدة 12 شهرا.
واصلت هيئة السلوك المالي أيضا قضايا التداول الداخلي ضد داميان كلارك، متداول سابق في "شرودرز" الذي حصل على حكم بالسجن لمدة عامين عام 2016، وفابيانا عبدالملك، مسؤولة الامتثال السابقة في UBS، التي حكم عليها بالسجن لمدة ثلاثة أعوام في حزيران (يونيو).
ذكرت لونجمان أن هيئة التنظيم زادت منذ ذلك الحين من تدقيقها في الإبلاغ عن الصفقات وهي تصبح أكثر استباقا بشأن التحقيق في السلوك المشبوه. وقالت: "هيئة السلوك المالي لم تعد تعتمد فقط على التعاملات المشبوهة وتقارير الطلبات التي يقدمها أصحاب العمل وإنما تجري بتحليلاتها الخاصة لوضع يدها على التلاعب في السوق".
"حجم المعلومات التي تحت تصرف هيئة السلوك المالي الآن أفضل بما لا يقاس مقارنة بما كانت عليه من قبل، الأمر يتعلق الآن بكيفية استخدام هذه المعلومات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES