Author

وثيقة الاستقرار والتنمية

|

بتوقيع "اتفاق الرياض" بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي رسميا أمس، بتوجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وحضور الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وصل الاتفاق التاريخي إلى النقطة الأخيرة، وهذا ما كان مؤكدا لأسباب عديدة، في مقدمتها نجاح المملكة في دورها الهادف إلى حل كل المشكلات في اليمن الشقيق بالطرق السلمية وتحقيق ثمرة السلام والاستقرار المطلوبين، بما فيها وقف الحرب الراهنة في هذا البلد.
ووضعت السعودية كل ما لديها من طاقة لإنجاز الاتفاق، مستندة إلى مبادئها المعلنة، وهي أنه لا بد من حل الخلافات والمشكلات في العالم العربي "على وجه الخصوص"، بالطرق السلمية والحوار، وبالصورة التي تضمن أمن وسلامة ورفاهية الشعوب المعنية بهذه الأزمات. من هنا، أبعدت الرياض الحلول المؤقتة وأنصاف الحلول عن الطريق، من "اتفاق الرياض"، وحرصت على أن تكون أطراف عربية محورية، كالشقيقة الإمارات ضمن السعي الذي لا يتوقف لحل هذه الجزئية من الأزمة اليمنية.
وهذا ما أكده ولي العهد في كلمته بمناسبة توقيع الاتفاق، أن "الهدف الأساسي نصرة الشعب اليمني ومواجهة التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية"، مشددا على أن المملكة ستواصل السعي إلى تحقيق تطلعات الشعب اليمني والوصول إلى حل سياسي. كما يحقق هذا الاتفاق ثمارا ونتائج اقتصادية تنعكس على الحياة العامة في اليمن.
"اتفاق الرياض" ليس نهاية كل شيء، فالسعودية تعمل مع التحالف الدولي، من أجل استكمال كل الخطوات لوقف الحرب هناك، وهي تعرض إمكانات وقدرات من أجل ضمان عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن، كما أنها وضعت المخططات اللازمة مسبقا لمساعدته على إعادة البناء والتنمية للشعب اليمني. لقد وقفت ضد الحوثيين لسبب واضح ووحيد فقط، وأن هؤلاء اختاروا خيانة وطنهم وشعبهم، عبر تحالفات مشينة وخطيرة مع النظام الإرهابي في إيران على أسس طائفية، تعلن المملكة عبر تاريخها أنها تقف ضدها، وتعمل على تحطيمها. فالرياض تنظر إلى اليمن وغيره من البلدان العربية الأخرى بصيغته الوطنية الصرفة، وبمشاركة أطيافه المجتمعية كلها، بما يدعم كل خطوة نحو مستقبل واعد وآمن ومستقر ومزدهر لليمنيين.
ومن الملاحظ أن أهم المعايير التي يستند إليها "اتفاق الرياض" التاريخي، أن التحالف بقيادة السعودية سيشرف على لجنة مشتركة تتابع تنفيذه، وهذا بحد ذاته يعزز نجاح الاتفاق. دون أن ننسى، أن الرياض لن تسمح بالنيل من اتفاق يحمل اسمها، وهي التي تتحرك وتعمل على طرح حلول تدعم السلم والتفاهم والتناغم والعمل المشترك.
صحيح أن الاتفاق بحد ذاته إنجاز تاريخي للمملكة، لكن القيادة في هذا البلد تؤكد دائما أنه إنجاز لكل اليمنيين المشاركين فيه، بل هو إنجاز للمنطقة العربية كلها، التي تواجه اضطرابات ومشكلات في عدد من بلدانها. إن الهدف الرئيس هو أن يكون الحل مستداما من أجل مصلحة أطرافه أولا وأخيرا.
ولم تتدخل المملكة في اليمن إلا لنصرة الشرعية، وهي شرعية يعترف بها العالم أجمع. وكعادتها تقف الرياض مع الشرعيات في أي مكان يكون لها فيه دور محوري ومؤثر. وهي إذ ترعى وتقوم بدور المشرف عن تنفيذ "اتفاق الرياض"، تتمسك - بالطبع - بالمرجعيات الثلاث منذ بدء الأزمة اليمنية، أولاها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل، والمبادرة الخليجية وآليات تنفيذها، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. وكلها مرجعيات تعزز وتضمن للشرعية الاستمرار والقوة والقيام بدورها المطلوب من الشعب اليمني ومن المجتمع الدولي بشكل عام.
كل خطوة على صعيد السلام في اليمن، هي بمنزلة قوة دفع لخطوات أخرى نحو الحلول الناجعة، بل يمكننا القول إنها أساس قوي للتفاهمات والاتفاقيات حول القضايا المتعثرة الموجودة على الساحة. إن "اتفاق الرياض" يعد ثمرة سياسة سعودية خالية من المصلحة، إلا مصلحة الشعب اليمني بكل أطيافه وانتماءاته، وأمام هذا الموقف لن تقبل المملكة بالحلول الوسط على الإطلاق، إنما هدفها صناعة السلام للشعب اليمني.

إنشرها