Author

الأسواق على أعتاب نهاية حقبة من انكماش الأسعار

|

يتوقع معظم محللي الطاقة وفرة في الإمدادات عام 2020، ما يضع "أوبك" وحلفاءها +OPEC في مأزق. على سبيل المثال، قالت وكالة الطاقة الدولية: "إذا استمر نمو الطلب العالمي على النفط في التراجع مع عدم اليقين حول الاقتصاد العالمي و"بريكست"، فمن المرجح أن تواجه أسواق النفط فائضا آخر في الإمدادات العام المقبل". وأضافت الوكالة "ما لم تتغير العوامل الأخرى سنشهد فائضا على الأرجح، ما لم يكن هناك انتعاش قوي لنمو الطلب". لكن بعد ذلك، قد يؤدي ضعف الأسعار وتراجع الاستثمار إلى طفرة في الأسعار حيث يتباطأ نمو العرض وتتشدد الأسواق.
وفي هذا الجانب أيضا، قال بنك جولدمان ساكس في مذكرة الشهر الماضي: "منذ ثلاثة أعوام، أدى العرض الزائد إلى تدهور معنويات أسهم شركات الطاقة. لقد قدم هذا الوضع خيارا صعبا لـ"أوبك" إما خفض الإنتاج وإما ترك الأسعار تنهار، اختارت المنظمة خفض الإنتاج في محاولة منها لإنقاذ الأسعار، لكن من خلال القيام بذلك، يمكن أن تؤدي إلى إطالة أمد تنظيم أوضاع السوق عن طريق دعم شركات النفط الصخري المتعثرة.
على هذه الخلفية، يتحول انتباه السوق مرة أخرى إلى "أوبك" وحلفائها من خارج المنظمة بقيادة روسيا، الذين يحتاجون إلى اتخاذ قرار في أوائل كانون الأول (ديسمبر) حول كيفية المضي قدما في اتفاقية خفض الإنتاج التي تنتهي في آذار (مارس) 2020. هناك إجماع متزايد بين الخبراء والمراقبين على أن المنظمة وحلفاءها بحاجة إلى خفض أعمق إذا كانوا يريدون منع زيادة كبيرة في المعروض عام 2020 وإرسال أسعار النفط إلى مستويات متدنية جدا.
ومع ذلك، فإن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة يتباطأ بالفعل. مع قيام شركات النفط الصخري بخفض عدد منصات الحفر بصورة متزايدة، فإن التباطؤ من الناحية النظرية سيساعد على إعادة توازن السوق، ما قد يؤدي إلى ارتفاع دائم في الأسعار. يعتقد عديد من المحللين أن هذا الانعكاس قد يكون على بعد نحو عام من الآن. سيؤدي تباطؤ نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي إلى جانب نقص الاستثمارات في المشاريع طويلة الأجل إلى طفرة جديدة في الأسعار.
في هذا الصدد، خفض بنك جولدمان ساكس توقعاته لنمو إنتاج النفط الأمريكي إلى 0.7 مليون برميل يوميا عام 2020، بانخفاض حاد عن توقعاته السابقة البالغة مليون برميل في اليوم. ومن الجدير بالذكر، أن البنك الاستثماري عزا المراجعة الهبوطية ليس فقط إلى تباطؤ في عمليات الحفر، لكن أيضا إلى تحديث معدلات تراجع الإنتاج الطبيعي لآبار النفط الصخري Decline rate على المدى الطويل لتتوافق مع نتائج التشغيل الحالية، بمعنى آخر إن أداء آبار النفط الصخري ليس كما كان متوقعا في السابق.
من المتوقع أن تحاول بعض شركات التنقيب في أفضل مواقع النفط الصخري، ما يوفر ارتفاعا مؤقتا للإنتاجية عام 2020. لكن بيانات الإنتاجية الأولية لعام 2019 الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تشير إلى أن تحسينات إنتاجية آبار النفط الصخري تبدو آخذة في الانخفاض في جميع تشكيلات النفط الصخري الرئيسة في الولايات المتحدة مثل النسر فورد.
وفي هذا الجانب، قالت مصادر الصناعة إن "معدلات تراجع الإنتاج الطبيعي" لآبار النفط الصخري ربما زادت إلى حد ما مقارنة بالأعوام السابقة. هذا يعني أن مكاسب إنتاجية آبار النفط الصخري قد تصل إلى ذروتها في غضون عام من الآن. هذا لا يعني أن الانخفاض المباشر في الإنتاج بات وشيكا، لكن قد تضطر الشركات إلى ضخ مزيد من الأموال للحفاظ على معدلات النمو السابقة.
يتزامن ضعف نمو إنتاج النفط الصخري مع تباطؤ نمو الإمدادات الجديدة من المشاريع التقليدية الكبيرة. في غضون ستة أو تسعة أشهر سيبدأ الإنتاج من موجة المشاريع الأخيرة التي بدأ العمل بها عام 2014/2015 بالوصول إلى الأسواق. لكن انهيار أسعار النفط الذي بدأ عام 2014 أدى إلى انخفاض حاد في الاستثمار في المشاريع الضخمة طويلة الأجل. بالفعل أصبحت مشاريع المياه العميقة جدا، الرمال النفطية في كندا، وغيرها من مشاريع النفط الضخمة والمعقدة خارج اهتمام الشركات، في سوق شهدت انخفاض أسعار خام برنت بأكثر من النصف. نظرا لأن هذه المشاريع تستغرق أعواما حتى تبدأ في الإنتاج، فإننا نصل الآن إلى نهاية موجة المشاريع التي بدأ العمل بها في فترة ازدهار أسعار النفط.
في الوقت الحاضر، تراوح أسعار خام برنت حول 60 دولارا للبرميل، ويتوقع محللو السوق ألا يحدث تغير كبير على مدى عام من الآن. في هذا الجانب، كتب «جولدمان ساكس» في تقرير نشر في 22 تشرين الأول (أكتوبر): في ظل غياب نمو قوي للطلب أو التوترات الجيوسياسية التي ينتج عنها تداعيات كبيرة، نتوقع أن تستمر أسعار خام برنت في التداول في عام 2020 حول توقعاتنا البالغة 60 دولارا للبرميل.
ومع ذلك، في غضون عام أو نحو ذلك، يرى البنك الاستثماري أن الأسعار ستصل إلى نقطة الانعطاف، عندها ستواجه "أوبك" وحلفاؤها مجموعة من القرارات مع بدء الأسعار في الارتفاع. يمكن للمنظمة وحلفائها القيام برفع الإنتاج تدريجيا، وتخفف من تشدد الإنتاج مرة أخرى، وتحافظ على الأسعار عند نحو 60 دولارا للبرميل. يمكن أن تختار أيضا عدم رفع الإنتاج، وبالتالي رفع الأسعار. أخيرا، في سوق تعاني نقص المعروض، قد تحتاج "أوبك" إلى زيادة الإنتاج بدرجة أكبر، لكن الأسعار قد تستمر في الارتفاع، حيث ستعاني "أوبك" تشدد الطاقات الإنتاجية الاحتياطية.
ليس من الواضح مدى أهمية هذه السيناريوهات الثلاثة لأنها تغطي مجموعة واسعة من الاحتمالات "على سبيل المثال، يمكن أن تظل أسعار النفط منخفضة، أو قد ترتفع!"، لكن احتمال أن تصل السوق إلى نقطة انعطاف في الأسعار في غضون عام أو نحو ذلك هو حدث مثير للاهتمام. إذا وصل الأمر إلى ذلك، فسيمثل نهاية حقبة من انكماش الأسعار دامت أكثر من نصف عقد من الزمن.

إنشرها