FINANCIAL TIMES

صناعة الألماس على خطى عالم الأزياء

صناعة الألماس على خطى عالم الأزياء

عندما صاغت فرانسيس جيريتي، من وكالة "إن دبليو آير الإعلانية"، عبارة "الألماس يبقى إلى الأبد" في عام 1947، كان التحدي الذي تواجهه هو إقناع الرجال الأمريكيين بشراء خواتم خطوبة مصنوعة من الألماس. كما أنها ساعدت مجموعة دي بيرز للتعدين، وهي إحدى زبائنها، على علاقتها مع شركة تيفاني آند كمباني للحلي.
سيطرت شركة دي بيرز على صناعة الألماس، من خلال احتكار انهار أخيرا في منتصف العقد الأول من القرن الحالي. شركة تيفاني أسسها تشارلز لويس تيفاني في عام 1837، وصممت خاتم الخطوبة الحديث، مع جوهرة في أعلى الحلقة، في عام 1886.
إذا نجحت مجموعة LVMH للسلع الفاخرة في عرضها لشراء "تيفاني" مقابل 14.5 مليار دولار، فستكون شركة الحلي التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في شراكة جديدة في وقت لن يكون بعيدا. ترغب LVMH في دعم استحواذها على مجموعة بولجاري الإيطالية مقابل 5.2 مليار دولار في عام 2011 من خلال الخوض أكثر في صناعة الحلي والساعات الفاخرة.
لكن تبدو هذه لحظة غريبة لمضاعفة الاستثمار في الحلي. حاليا شركة دي بيرز تعاني انخفاضا في مبيعات الألماس الخام: كثير من المناجم تنتج كثيرا من الأحجار والأسعار تنخفض، وتفاقم ذلك بسبب التوترات التجارية الأمريكية- الصينية والمظاهرات في هونج كونج، التي هي مركز تجارة التجزئة للسلع الفاخرة. "بيترا دايموندز"، وهي شركة تعدين مدرجة في لندن، أعلنت في شهر أيلول (سبتمبر) عن خسارة سنوية بلغت 258 مليون دولار.
من المفترض أن LVMH تأمل في حدوث انتعاش دوري مع انخفاض طاقة التعدين وعودة المشترين الصينيين. حتى إذا كانت "تيفاني" تفتقر إلى أن يكون لديها مكانة ذات قيمة عالية جدا مثل التي تحظى بها "بولجاري" أو "فان كليف آند آربلز"، شركة الحلي التي تملكها "ريتشمونت"، إلا أن لديها علامة تجارية عالمية. الفيلم المقتبس عن رواية ترومان كابوت الذي أنتج عام 1961 بعنوان "الإفطار عند تيفاني"، بطولة أودري هيبورن، أضفى طابعا شاعريا متلألئا على العلامة التجارية.
لكن بغض النظر عما إذا كان عرض LVMH ناجحا أم لا، فهو يدل على أن شيئا أعمق يطرأ على تجارة الحلي. فمع كونها صناعة مجزأة تضم بضعة علامات تجارية، أيا كان حجمها، وتسيطر عليها المناجم في احتكار دي بيرز، إلا أنها تتحول بشكل مطرد إلى مشروع تجاري للسلع الفاخرة على غرار الأزياء. التكنولوجيا الأساسية المستخدمة فيه هي التسويق الرقمي بشكل متزايد، بدلا من استخراج الألماس.
الأمر الذي يدعو إلى الفضول في عمل "إن دبليو آير" لمصلحة "دي بيرز"، التي بدأت في عام 1938 في نهاية فترة الكساد، عندما كان عدد قليل من الأمريكيين يرتدون خواتم خطوبة مصنوعة من الألماس عالي الجودة، هو الزبون. نادرا ما تتولى الشركة المنتجة للمواد الخام التسويق للمستهلك، مثل أن تعلن شركة منتجة للصلب عن سيارات، لكن سيطرة "دي بيرز" العالمية على سوق الألماس عززت ثقافة استهداف المشتري النهائي.
ترك التسويق لـ"تيفاني" أو "هاري وينستون" في الولايات المتحدة كان من شأنه أن يحد من سوقهما، لأن الخواتم كان يتم بيعها في الغالب في محال حلي محلية، ليس علامات تجارية كهذه. كان على الشباب أن يقتنعوا بشراء خواتم ألماس لخطيباتهم من متاجر التجزئة في الشوارع الرئيسية. حتى الآن، لا تشكل مبيعات العلامات التجارية سوى 23 في المائة من مبيعات الحلي العالمية، وفقا لـ"مورجان ستانلي".
نجحت الحملة الإعلانية: تشير تقديرات "دي بيرز" إلى أن أكثر من 70 في المائة من العرائس الأمريكيات كن يرتدين خاتما من الألماس في عام 2017، مقارنة بـ 10 في المائة عام 1939. وكان نحو ربع مبيعات "تيفاني" في العام الماضي – 1.2 مليار دولار – عبارة عن حلي خطوبة (14 في المائة من النساء الأمريكيات في الوقت الحالي يشترين الخواتم الخاصة بهن، وينفقن في المتوسط 1100 دولار أكثر من المشترين الذكور، حسب تقديرات "دي بيرز").
إلا أن احتكار "دي بيرز" لم يعد قائما على الأسس التي نشأ عليها، عقب تسوية بين سلطة مكافحة الاحتكار الأمريكية، وصناعة تعدين الألماس كلفت الصناعة 295 مليون دولار عام 2005 ـ لا يزال احتكار يضم خمس شركات بقيادة "دي بيرز" و"ريو تينتو" و"ألروسا" الروسية، لكن من الصعب ضبط أعضائه. نتج عن هذا التغيير طفرة في الإنتاج حتى وصل العرض إلى الذروة في عام 2017، وهزة مالية لشركات قص وصقل الألماس في الهند.
لا يتم صناعة جميع قطع الألماس بالتساوي. يقول المحلل بول زيمنيسكي: "كان معظم فائض العرض من الحلي الأصغر حجما والأقل جودة. الحلي التي تحتوي على شعار العلامات التجارية كانت مربحة للغاية. تراجعت عائدات "تيفاني" هذا العام، لكن شركات الحلي الراقية الأخرى التي تختار الحلي عالية الجودة، وتقطعها وتلمعها وتسوقها حسب التصاميم الخاصة بها، أرباحها في ازدياد".
في حين أن صناعة الألماس مهددة بشكل أكبر بظهور الحلي الرخيصة، التي تصنع في المختبرات، تضيف علامات تجارية مثل "جوتشي" و"شانيل" حلي عالية الجودة إلى مجموعاتها. سعر سوار الذهب "سويت ألامبرا" من "فان كليف آند آربلز" يصل إلى 1100 جنيه استرليني، لكن مجموعتها من الحلي الراقية تتضمن عقد "سنوفلايك" من الألماس والبلاتين بقيمة 605 آلاف جنيه.
من السهل أن تصور أن LVMH ترى في "تيفاني" واحدة من أقوى العلامات التجارية الفاخرة المختارة المرغوبة في الصين. سلسلة الحلي "تشاو تاي فوك"، التي تتخذ من هونج كونج مقرا لها، افتتحت 540 متجرا جديدا في الصين العام الماضي، لكن لا تزال "تيفاني" تحتفظ بهالة أودري هيبورن وبريق منتصف القرن الـ20.
كانت مهمة جيريتي في عام 1947 إقناع الرجال بشراء قطعة ألماس واحدة تدوم مدى الحياة. نجحت في ذلك، لكن الألماس أصبح شائعا الآن، وما يهم هو قلادة هذا الموسم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES