Author

لماذا تقود الرياض استثمارات المستقبل؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


العالم على مشارف مرحلة انتقالية تعتمد على تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، كالأجهزة الروبوتية وإنترنت الأشياء والمدن الذكية والمركبات ذاتية القيادة والتعليم الإلكتروني، إضافة إلى جيل جديد من النقود المشفرة، وجميعها تقدم فرصا مغرية، ولا سيما أن الشركات العملاقة تقوم حاليا بتحول عميق استعدادا للمستقبل، وستؤدي تلك التقنيات إلى تحولات في طريقة النمو والاستهلاك والاستثمار وتوزيع الدخل والمساواة؛ ثم إن الأثر الكلي لتلك التغيرات أدى إلى تغير في الأسس والنظريات الاقتصادية التي نعرفها، سواء في اقتصاديات العرض أو الطلب حتى النظريات النقدية الحديثة، وسنتطرق إلى ذلك في ثنايا حديث اليوم.
العالم أصبح يعول في مواجهة التحديات العالمية على الابتكارات وتصميم سياسات اقتصادية ونماذج استثمارية غير تقليدية؛ لمعالجة فجوة النمو وضعف الطلب على الاستهلاك والاستثمار؛ لذا يعد "دافوس الصحراء" من الناحية العملية منصة استشرافية تقدم حلولا جديدة لمعالجة الركود وتطوير الاتجاهات الاقتصادية، مثل الابتكار والإبداع وتعزيز فرص النمو، ولا سيما بعد تراجع فاعلية نظريات اقتصاديات العرض ونظريات اقتصاديات الطلب، وأصبح المنوال في بناء الاتجاهات الاقتصادية يقوم على أسس غير تقليدية، وبشكل خاص بعد ظهور الثورة الاصطناعية الرابعة وتقنية سلسلة الكتل للتخزين والتوثيق غير المركزي أو ما يعرف بـ Blockchain والتقنيات المالية.
ثم إنه مع ظهور جيل جديد من النقود، كالعملات المشفرة، أصبحت النظرية النقدية التي تعتمد عليها الحكومات للتحكم في الاقتصاد، أمام تحديات غير مسبوقة؛ ما قد يفرض واقعا جديدا على البنوك المركزية؛ ولا سيما في ظل استمرار حالة من الانكماش الاقتصادي وسط وفرة نقدية ناتجة عن خفض سعر الفائدة والسياسات النقدية غير التقليدية، كالتيسير الكمي، كما أن العالم مصاب بمتلازمة الركود التضخمي، وهي متلازمة تجمع بين الركود وارتفاع الأسعار؛ نتيجة الحمائية والقيود التي تفرضها الدول فيما بينها على السلع والخدمات. جميع تلك الظروف ستؤدي إلى نشوء مناخ اقتصادي يصعب معرفة اتجاهاته.
وفي ظل ما سبق، يوجد سببان رئيسان لدى الرياض لدعم المرحلة الاقتصادية التي يعيشها العالم حاليا. السعودية تعد لاعبا ماليا عالميا مؤثرا في صناعة اتجاهات استثمارية على الصعيد الدولي، ولا سيما مع ظروف انعدام الثقة والانكماش التي تعيشها اقتصادات معظم الدول، كما يعزى هذا المستوى الرفيع من الأهمية إلى كون اقتصادها أكثر التصاقا بالاقتصادات العالمية والأكثر تأثير في أسعار الطاقة، وبالتالي على أسعار السلع عالميا، إضافة إلى امتلاكها أكبر شركة ذات ربحية على مستوى العالم؛ لذا تؤمن الرياض أن لقاء عملاقة التمويل والأعمال وصناع القرار الاقتصادي العالمي في مبادرة مستقبل الاستثمار 2019 يشكل فرصة كونية؛ لتكوين شراكات استثمارية وتعبئة الأموال والأفكار وصناعة اتجاهات اقتصادية غير مسبوقة لزيادة ازدهار اقتصادها ومواجهة تحديات العالم، ولا سيما أن النظام الاقتصادي والمالي العالميان يحتاجان إلى جهود دولية لاستيعاب التغيرات التكنولوجية الكبرى التي لا يمكن تقييدها بحدود وطنية.

إنشرها