Author

الطاقة المتجددة .. والأهداف المناخية

|

من المتوقع أن تنمو السعة الإنتاجية للطاقة المتجددة بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2024، وفقا لتقرير صدر حديثا عن الوكالة الدولية للطاقة. الصين ستمثل 40 في المائة من التوسع في الطاقة المتجددة العالمية خلال الفترة المتوقعة. تعد التوقعات الحالية بالنسبة للصين أعلى من توقعات العام الماضي بسبب تحسين التكامل مع الشبكة، وانخفاض الأسعار، وتعزيز القدرة التنافسية لكل من الطاقة الشمسية الكهروضوئية والرياح البرية onshore.
فيما يتعلق بالسعة الإنتاجية من المتوقع أن يضيف العالم نحو 1200 جيجاواط من الطاقة المتجددة على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، وهو ما يعادل إجمالي طاقة التوليد في الولايات المتحدة بأكملها. إذا تم تحقيق توقعات الوكالة، فستصل الطاقة الإجمالية المتجددة العالمية إلى نحو 3700 جيجاواط بحلول عام 2024. تجدر الإشارة هنا إلى أن السعة الإنتاجية تشير إلى الحد الأقصى للطاقة الذي يمكن أن تنتجه المنشآت، وليس ما تولده بالفعل. وفقا للوكالة، من المتوقع أن ينتعش نمو الطاقة المتجددة بشكل حاد هذا العام، بعد نمو مخيب للآمال عام 2018. ففي عام 2019، من المقرر أن تنمو الطاقة المتجددة بنسبة 12 في المائة، وهي أسرع نسبة نمو في أربعة أعوام. حيث سرعان ما أصبحت الطاقة المتجددة أرخص من محطات التوليد العاملة بالفحم في معظم أنحاء العالم.
ويشير التقرير أيضا إلى أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية بدأت حقا في الاضطلاع بدور أكبر في المضي قدما، حيث تمثل نحو 60 في المائة من النمو المتوقع، في حين تمثل الرياح فقط ربع النمو ( أي 25 في المائة). هذا يعد طفرة عن السابق. وستشكل أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الموزعة -الأنظمة المثبتة على المباني التجارية، والمنازل والمنشآت الصناعية- ما يقرب من نصف الزيادة في أسواق الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
قبل عقد من الزمان، قادت طاقة الرياح البرية النمو في البداية بمساعدة انخفاض التكاليف. لكن تكلفة الطاقة الشمسية انخفضت في الأعوام الأخيرة، وساعدها أيضا مزيد من الدعم السياسي في الاستمرار في تحقيق معدلات نمو كبيرة. في هذا الجانب، تقدر الوكالة أن تكاليف الطاقة الشمسية الكهروضوئية ستنخفض على مدى الأعوام القليلة المقبلة بنسبة تراوح بين 15 و25 في المائة لكل من الطاقة الشمسية على نطاق المرافق utility-scale وأنظمة الطاقة الشمسية الموزعة.
منذ فترة طويلة توجه الانتقادات إلى مصادر الطاقة الشمسية بأنها على الرغم من المنافع البيئية التي توفرها، إلا أنها ببساطة لا تستطيع منافسة الوقود الأحفوري. هذه لم تعد حجة قديمة فقط، لكنها في الواقع على النقيض تماما في كثير من الحالات. في هذا الصدد قالت الوكالة: "تشير نتائج المزاد التنافسي الأخيرة إلى أن تكلفة توليد محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق المرافق ستصبح مقاربة أو أقل من تكلفة محطات الوقود الأحفوري الجديدة في وقت أقرب مما هو متوقع في عدد متزايد من البلدان".
ومن المثير للاهتمام أن الطاقة الشمسية الموزعة أصبحت خيارا سائدا بشكل متزايد. حيث ذكرت الوكالة: "أن إمكانات الطاقة الكهروضوئية الموزعة كبيرة جدا، لكن تطويرها يحتاج إلى إدارة جيدة لتحقيق التوازن بين المصالح المختلفة لأصحاب الأنظمة الكهروضوئية، المستهلكين وشركات الطاقة والتوزيع".
علاوة على ذلك، وكالة الطاقة الدولية مشهورة بسمعتها المحافظة بخصوص الطاقة المتجددة، حيث إنها مرارا وتكرارا تتفاءل بنمو الطلب على النفط وتقلل توقعات نمو الطاقة المتجددة. لذلك من الجدير بالملاحظة أنه حتى الوكالة قالت إن الطاقة الشمسية والرياح تتفوقان على الوقود الأحفوري بالسعر وحده.
لكن البعض الآخر يذهب أبعد من ذلك بكثير. حيث كشف تقرير صادر عن معهد روكي ماونتن في الشهر الماضي أن الطاقة المتجددة تفوقت بالفعل على محطات توليد الطاقة الجديدة التي تعمل بالغاز الطبيعي. وبحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحالي، سيكون إنشاء محطات طاقة شمسية وطاقة رياح جديدة أقل تكلفة من تشغيل محطات الغاز الحالية، ناهيك عن بناء محطات جديدة. وخلص تقرير المعهد إلى أن "دراستنا وجدت أن 90 في المائة من الطاقة الجديدة التي تعمل بالغاز المقترحة للبناء في الأعوام الخمسة المقبلة يمكن تجنبها بفعالية من حيث التكلفة ببناء محطات طاقة متجددة". "إن إعطاء الأولوية للاستثمار في الطاقة المتجددة في هذه الحالات سيفتح المجال أمام استثمارات جديدة بقيمة 29 مليار دولار ويجنب 100 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام -أي ما يعادل 5 في المائة من الانبعاثات الحالية لقطاع الكهرباء في الولايات المتحدة". بالفعل في بداية هذا العام، أعلنت البرتغال عددا من العروض الفائزة في مزاد للطاقة المتجددة، حيث تم منح المشاريع بتكلفة 0.0147 يورو لكل كيلوواط - ساعة، وهذه أقل تكلفة مسجلة في العالم حتى الآن. مشاريع الغاز الطبيعي تكلف على الأقل مرتين أو ثلاثة أضعاف هذا المبلغ. إضافة إلى السيناريو المرجعي تضمن تقرير الوكالة سيناريو تسريع الطاقة المتجددة. في هذا السيناريو تتوقع الوكالة أن يكون نمو الطاقة المتجددة أعلى بنسبة 26 في المائة "أي معدل نمو 1500 جيجاواط" مما كان عليه في التوقعات المرجعية للتقرير. تتطلب الحالة المعجلة أن تتصدى الحكومات لعدد من التحديات بما في ذلك عدم اليقين في السياسات واللوائح ومخاطر الاستثمار العالية والتكامل والربط مع الشبكة الكهربائية. في هذا السيناريو الطاقة الشمسية الكهروضوئية هي المصدر الأكبر لإمكانات التوسع الإضافية، تليها الرياح البرية والطاقة الكهرومائية.
ومع ذلك، فإن التوسع في مصادر الطاقة المتجددة سيظل غير كاف لتحقيق الأهداف المناخية. بالفعل أشارت دراسة أجرتها مؤسسة وود ماكنزي في آب (أغسطس) إلى أن العالم سيحصل على 85 في المائة من الطاقة من الوقود الأحفوري. في هذا الصدد أيضا، قال تقرير الوكالة، على الرغم من التقدم والنمو المتوقع لمصادر الطاقة المتجددة، إلا أن العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق الأهداف المناخية. لتحقيق ذلك تجب مضاعفة وتيرة النمو الحالية. ويضيف التقرير أن هناك ثلاث عقبات شاملة تقف في طريق نمو أسرع: عدم اليقين بالسياسات واللوائح، ومخاطر الاستثمار العالية، والقدرة على دمج معدلات أعلى من مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة.
مما لا شك فيه إن مصادر الطاقة المتجددة بالفعل هي ثاني أكبر مصدر للكهرباء في العالم، لكن نشرها لا يزال بحاجة إلى التعجيل إذا أردنا تحقيق أهداف طويلة الأجل تتعلق بالمناخ ونوعية الهواء والوصول إلى الطاقة energy access.

إنشرها