Author

العلا في باريس

|

يستمتع مواطنو وزوار العاصمة الفرنسية بمشاهدة واحدة من عجائب العالم، مدينة العلا، وهي تحمل بين طياتها التاريخ العظيم لمنطقة سكنها أقوام، وعاشت فيها حضارات لها من الأثر والذكر ما يجعل هذه المنطقة بديعة فعلا وحالة خاصة.

إن النظر في الآثار التي تركها من سكنوا هذه المنطقة، وما فيها من العمارة الفريدة التي تتخذ من الجبال بيوتا، لهي دلالة كبرى على تفرد سكان هذه المنطقة بكم هائل من القوة والبنى الجسمية الفريدة. يحتوي المعرض الذي أقامه معهد العالم العربي على تماثيل توضح حجم أجسام "بني لحيان"، الذين سكنوا هذه المنطقة إذ يبلغ طول التمثال منها أكثر من مترين.
إلا أن الواقع يذكر أن قوم صالح الذين عاشوا في هذه المنطقة قبل ذلك بآلاف الأعوام تمتعوا ببنية أعظم من تلك التي يذكرها المعرض. هذه الإشكالية العلمية هي محل نقاش ويجب أن تكون مدار مجموعة من البحوث العلمية والتاريخية، التي يمكن أن تصل إلى تحديد مجموعة كاملة من الحقائق التي تعد بعيدة عنا اليوم.
إن مشاهدة النجاحات التي تحققت في قرية الأحقاف من قبل "أرامكو السعودية"، تجعلني على ثقة بأن هناك كثيرا مما يمكن أن نعرفه عن تاريخ وحضارة العلا وغيرها من المواقع التاريخية، وهي فرصة لتحقيق نجاحات في مجالي الثقافة والآثار. هذه الحقيقة يفهمها كثير ممن يزورون المملكة بدافع التعرف على حقائق وآثار المناطق التي هي من أقدم مواقع الحضارات في العالم.
العنصر المهم هنا هو حقيقة أن هذه المنطقة كانت مركزا للعالم القديم. يوضح ذلك كثير من الكشوف التي وصل إليها العلماء وهي مذكورة في القرآن بما يوضح كيف كان يعيش أهالي شبه الجزيرة العربية وعدد الأنبياء والرسل في هذه المنطقة، وهو تأكيد على واقع هذه الأهمية والمركزية التاريخية لها. فالأقوام الذين عاشوا هنا صنعوا التاريخ وتركوا آثارا لا يمكن إغفالها، وقبل ظهور طريق الحرير بقرون كانت التجارة بين شمال وجنوب الجزيرة العربية حافلة وحاملة لحقائق لا يمكن إلا أن نطالب بمعرفة المزيد، وكشف هذه الثروات وعرضها على العالم.

إنشرها