Author

الترفيه .. ضرورة أم ترف؟

|


بدءا، فإن الترفيه أو الترويح، هو مجموعة الأنشطة الفكرية أو النفسية أو الاجتماعية أو الجسدية التي يمارسها الإنسان لإدخال البهجة والسرور على النفس، ويدخل الترويح ضمن الاحتياجات الإنسانية لتحقيق الذات، التي تمكن الإنسان من استخدام إمكاناته وقدراته ومهاراته لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات. والترويح، ضروري لتجديد الهمة وزيادة الإقبال على العمل، ومن ثم رفع مستوى الإنتاجية من خلال إسهامه في ضبط التوازن النفسي وتحسين الصحة النفسية والجسدية للإنسان، لذلك يؤثر في الوقاية من الأمراض النفسية والجسدية، علاوة على تعزيز مهارات التواصل لدى الإنسان وزيادة التفاعل الاجتماعي مع الآخرين.
ولا شك أن المجتمع السعودي كأي مجتمع بشري في حاجة إلى الترفيه، خاصة أن مجالات الترفيه كانت محدودة جدا، ما يجبر كثيرين على خيار السفر إلى الخارج، واستنزاف مواردهم الأسرية، أو الحرمان من أي أنشطة ترويحية للأسر على وجه الخصوص، كون الشباب يلجأون إلى الرحلات البرية والإفراط في القنص للترويح عن أنفسهم.
وكلما مررت بتقاطعات الطرق السريعة المحيطة بالمدن، خاصة في ليالي عطلة الأسبوع، ورأيت تكدس الأسر في أماكن محدودة لا تتوافر فيها الخدمات الضرورية مثل دورات المياه أو مواقف آمنة للسيارات وأماكن لممارسة الأطفال الحركة واللعب، وتقاطع طريق الملك سلمان مع طريق صلبوخ مثالا، ما يعكس حاجة الناس الكبيرة إلى أماكن ترفيه مناسبة من جهة، وتقصير أمانات المدن من جهة أخرى. مشاهد مؤلمة حقا وغير لائقة بمجتمعنا ومستوى التنمية والتقدم الذي ينعم به. حقا، إن هذه المشاهد تدعو إلى توجيه اللوم - دون تحفظ - إلى أمانات المدن، خاصة أنه لا يتطلب منها كثيرا من المال والجهد لتجهيز أماكن السمر الأسري. فالأمر لا يحتاج سوى إلى تجهيز دورات مياه وجلسات مناسبة، دون حاجة - في أكثر الأحيان - إلى التشجير المكلف نوعا ما.
من جهة أخرى، فإن نظرة سريعة إلى الإقبال الشديد والاندفاع الكبير نحو الفعاليات التي تنظمها "هيئة الترفيه" ضمن موسم الرياض، دلالة كبيرة على تعطش الناس للترويح وحاجتهم إلى الترفيه. وهذا يؤكد الحاجة إلى ضرورة زيادة أماكن الترفيه والترويح ومضاعفة الفعاليات، تلبية للرغبة المتزايدة للسكان، وذلك من خلال:
(1) سرعة إنجاز المشاريع الترفيهية الكبرى.
(2) زيادة الأماكن الترفيهية والمساحات الخضراء في المدن، وهذه مسؤولية أمانات المدن الكبيرة.
(3) تشجيع القطاع الخاص على دخول مجال الترفيه بدرجة أكبر، من خلال تسهيل الإجراءات ومنح الحوافز.
(4) السعي إلى تنويع الأنشطة وزيادة عددها وأماكن تنظيمها مع التركيز على تلك التي تتسم بالاستدامة.
(5) إدخال أنشطة الترفيه والأماكن المخصصة لها في إطار التخطيط الحضري الذي يراعي سهولة الوصول إليها من جهة، وعدم التأثير في البيئة الحضرية والأحياء السكنية من جهة أخرى.

إنشرها