Author

الطاقة المتجددة .. التشجيع وتقديم التسهيلات

|

تمضي مسيرة انتشار الطاقة المتجددة على الساحة العالمية بقوة. وهذه الطاقة تلقى دعما يوما بعد يوم من الحكومات والتشريعات الداعمة لها، خصوصا في ظل تنامي التحركات الهادفة إلى خفض انبعاث الكربون إلى أقل مستوى ممكن في العقود القليلة المقبلة. وقضية "الكربون" باتت منذ أعوام عديدة جزءا رئيسا لبرامج الأحزاب السياسية ولا سيما في البلدان الغربية، وصارت مرتبطة بصورة مباشرة بمدى استمالة الناخب نفسه لأن هذا الأخير يحصل منذ أعوام أيضا على إرشاد "ثقافي بيئي" إن جاز التعبير، عزز مواقفه الرافضة لإفساد البيئة بشكل عام. والطاقة المتجددة تبقى المحور الرئيس في هذا المجال في ظل ارتفاع حجم الطلب عليها، مع الزيادة الهائلة السنوية للسكان حول العالم. فعلى سبيل المثال تنتظر بريطانيا إضافة ثلاثة ملايين نسمة إلى سكانها في غضون أعوام قليلة. والأمر ينطبق في ذلك على معظم البلدان.
ولأن الأمر كذلك، توقعت وكالة الطاقة الدولية زيادة قدرة الطاقة المتجددة على المستوى الدولي بأكثر من 50 في المائة، في الأعوام الخمسة المقبلة. وهي نسبة مرتفعة بالفعل، فيما لو قورنت بالزمن الذي انطلقت فيه هذه الطاقة، خصوصا في البلدان المتقدمة. وتحتل الطاقة الشمسية المكانة الأبرز في توليد الطاقة المتجددة، لأسباب عديدة في مقدمتها تراجع تكاليف تركيب الألواح الشمسية فوق المباني والمنازل والمنشآت الصناعية المختلفة. وكانت هذه الألواح تتسم بارتفاع أسعارها، على الرغم من أن هناك حكومات أعفتها من الضرائب للتشجيع على تركيبها واعتمادها من قبل المؤسسات والأفراد. وفي الأعوام الماضية، شهدت أسعار الألواح الشمسية تراجعا مطردا، إلا أنها في العام الحالي وصلت إلى مستويات يمكن لأي فرد تحمل تكاليفها حتى في الدول الناشئة.
وتحمل هذه التكاليف يعني تراجع الإنفاق على الطاقة الكهربائية على المدى البعيد، أي أن السكان يمكنهم التمتع بهذه المساحة المالية التي يحتاجون إليها. ووفق هذا التوجه العام في أغلب دول العالم، فمن المتوقع أن يرتفع إجمالي قدرة الكهرباء المتولدة من الطاقة المتجددة بواقع 1.2 تيرا واط بحلول عام 2024 وفق "وكالة الطاقة". وهذه أيضا نسبة مشجعة على المديين المتوسط والبعيد. بالطبع هذا التطور يسنده بشكل أساس قطاع الألواح الشمسية الذي سيشكل نسبة 60 في المائة من هذا النمو. والمهمة الحقيقية هنا في هذا المجال، تكمن في رفع مستوى مساهمة الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء إلى معدلات تتفق مع البرامج البيئية التي أعلنتها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الأخرى المعنية بمستقبل البيئة بشكل عام.
فحتى إنتاج الكهرباء من خلال ضخ المياه لم يعد موائما للبيئة؛ لأن إنتاج هذه الطاقة يتطلب كميات هائلة من المياه ربما لن تكون متوافرة في مرحلة ما من المستقبل. وبالطبع هناك تراجع في إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة النووية والنفط الأحفوري والغاز. وكل هذا يصب في مسار التحول الراهن على صعيد الطاقة المتجددة. ففي عام 2024 ستبلغ حصة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء 30 في المائة، وستشكل منشآت طاقة الرياح البرية 25 في المائة. ورغم هذا التقدم إلا أن الجهات المهتمة بأمور البيئة والطاقة، ترى أنه بالإمكان الوصول إلى مستويات مرتفعة أكثر لهذا النوع من الطاقة حتى قبل المواعيد المحددة لتحقيق الأهداف.
لا شك أن العالم سيشهد تحولا أكبر في الأعوام المقبلة على هذا الصعيد ولا سيما مع تشجيع الحكومات على هذا التحول وتوفير التسهيلات اللازمة له.

إنشرها