Author

المودة والرحمة

|

تظهر بين الحين والآخر أنباء مفزعة عن حالات خلاف أسري تتحول إلى مآسي وجرائم خطيرة. لعل هذا واحد من الأسباب التي أدت إلى تغيير كثير من قناعات الشباب حيال الزواج والاستقرار الأسري. تعاني الأسرة في هذا العصر ضغوطا غير قليلة. هذه الإشكالية منتشرة في أغلب دول العالم ومع سرعة التواصل ومحدودية العلاقات في المجتمع، تصبح حالة من الضغط النفسي الذي يؤثر في العلاقات الأسرية بين طرفي العلاقة ومن ينتمون للأسرة.

المشكلات التي واجهت الأوائل لم تكن تنصب في خانة العامل النفسي الذي ينتشر اليوم، فأغلب الصعوبات التي كانت تعانيها الأسرة كانت تتعلق بالجهد البدني والالتزام بالمسؤوليات، التي تنتهي في وقت محدد، لتفسح المجال أمام علاقة صحية، طرفاها واضحا الارتباط والمسؤولية.
مع انتشار أنماط مختلفة في العلاقات الزوجية الحديثة، وأغلبها تأتي من الفروق في المستويات التعليمية والوظيفية، نجد الأسرة تعيش تحديات كبيرة تنتهي في حالات غير قليلة بالفشل في الوصول إلى منطقة التوازن، التي تحفظ على كل من الطرفين صحته النفسية، وتبقي الحالة الأسرية في أمان.
هنا تصبح عملية الاستشارات النفسية مهمة، والتركيز على معرفة اهتمامات الشريك أكثر إلحاحا وأهمية. في الناحية النفسية نقف أمام الحاجز النفسي الأكبر الذي يرى فيه كل عضو في الأسرة اختلافا جذريا عمن سبقوه، وبهذا يصبح التخلص من الجلباب السابق أصعب – بالنسبة إلى الرجل خصوصا - وهذا ما يسبب كثيرا من الإشكالات.
أما حين تكون معرفة الشريكين ببعضهما محصورة في طريقة تقليدية لا تسمح لهما بالتعرف على الاهتمامات والرؤى والأفكار والقناعات، فستصبح - حينها - إمكانية الوقوع في الخطر أكثر احتمالا، ولهذا تحاول كثير من الأسر أن تسمح لعريسي المستقبل بفترة خطوبة أطول تكون فيها الفرصة للشريكين أجدى للتعريف والتعرف. وقد سبق في هذا ديننا الحنيف إذ ورد في هذا المجال في سورة البقرة قول الله - جل وعلا - "ولا تواعدهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا "، وذلكم الهدف من التعرف على اهتمامات وأفكار وقناعات الطرف الآخر، كيلا تحدث صدمات غير قابلة للإصلاح.
في العموم - علينا أن نعلم أن الزواج حالة من التنازلات المشتركة التي يصل فيها الطرفان في النهاية إلى منطقة تفاهم تحدد الأدوار وهو ما نشاهده عندما تستقر الأسرة فترة زمنية كافية ويتقدم الزوجان في السن، لتصبح علاقتهما أكثر مودة ورحمة.

إنشرها