Author

الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية

|

مدير عام صندوق النقد الدولي


يمكن أن تؤدي الإصلاحات ذات التسلسل السليم إلى مضاعفة سرعة وصول الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إلى المستويات المعيشية السائدة في الاقتصادات المتقدمة. ونعلم أيضا أن البلدان حين تقوم بإصلاحات في الوقت نفسه يمكن أن يحقق ذلك تداعيات إيجابية. فما أفضل السياسات تأثيرا؟ ها هي بعض الأمثلة أسوقها لكم في هذا الخصوص. في تشيلي، أدت برامج رعاية الطفل إلى زيادة مشاركة النساء في سوق العمل وأفادت الاقتصاد، ما أثبت بالمناسبة أن تمكين المرأة من شأنه تغيير اللعبة الاقتصادية. وفي غانا، أدى قانون مكافحة الفساد إلى زيادة الشفافية والمساءلة. وفي جامايكا التي تشرف على استكمال برنامج يدعمه الصندوق، أدى الحد من الروتين الإداري إلى تيسير بدء الأعمال التجارية الجديدة.
هذه الأنواع من الإصلاحات تساعد الناس على العثور على فرص جديدة، وتحد من عدم المساواة المفرط، وتمكن البلدان من الاستعداد للصدمات.
وهنا أود التنويه إلى أن الصندوق استضاف مؤتمرا لتكريم جيانج هو باحثة من باحثينا الشباب التي عكفت على دراسة كثير من هذه القضايا وتوفيت بصورة مفاجئة العام الماضي.
وأقتبس هنا أحد الأمثال السائرة في بلدها فيتنام: "الوقت المناسب للقفز هو قبل أن تبتل قدماك".وهذا صحيح. فإذا انتظرنا حتى تقع الأزمة المقبلة، سيكون الوقت قد فات. إنما نحتاج إلى التحرك الآن، ونحتاج أيضا إلى التحرك معا. أما بالنسبة لاعتناق التعاون الدولي ورأيي في هذا الخصوص، فبينما تزداد الحاجة إلى التعاون الدولي، تقل إرادة الانخراط فيه. والتجارة شاهدة على ذلك. لكننا نحتاج إلى العمل معا. من التكيف الآمن مع التكنولوجيا المالية، إلى التنفيذ الكامل لجدول أعمال التنظيم المالي، إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ونحتاج إلى العمل معا لمعالجة تغير المناخ، فتغيره أزمة لا يوجد أحد محصنا منها والكل يتحمل مسؤوليته في التصدي لها. ومن أولوياتنا في الصندوق مساعدة البلدان ونعمل على تخفيض انبعاثات الكربون لتصبح أكثر صلابة في مواجهة تغير المناخ. ومع متوسط سعر الكربون الحالي الذي يبلغ دولارين للطن، لا يوجد لدى معظم الناس والشركات حافز مالي يذكر للقيام بهذا التحول. ولتقييد الاحترار العالمي ضمن مستوى آمن يتعين أن يكون سعر الكربون أعلى بكثير، وقد اعتنقت بعض البلدان استراتيجية مباشرة، وفرضت ضرائب على الكربون.
وإليكم مثال جيد: حين طبقت السويد ضريبة الكربون في 1991، حصلت الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط على قدر أكبر من التحويلات والتخفيضات الضريبية لتعويضها عن ارتفاع تكاليف الطاقة. وهذا التحول في السياسات كان أداة فاعلة في تخفيض انبعاثات الكربون لدى السويد بنحو 25 في المائة منذ عام 1995، في الوقت الذي حقق فيه اقتصادها نموا بأكثر من 75 في المائة.
ويؤكد بحثنا الجديد أن ضرائب الكربون يمكن أن تكون من أقوى الأدوات وأكثرها فاعلية. لكن المفتاح هنا هو تغيير النظم الضريبية، وليس مجرد إضافة ضريبة جديدة.

إنشرها