Author

هل العالم حيال نظام اقتصادي جديد؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


تصاعدت الاضطرابات المالية في جميع الاقتصاديات العالمية دون استثناء بسبب مشكلات حقيقية في النظام الاقتصادي الحالي أو ما يعرف بالليبرالية الحديثة Neoliberalism. الحقيقة أن هذا النظام الاقتصادي ما هو إلا نظام وسيط بين الليبرالية الكلاسيكية والتخطيط الاشتراكي، ولا يمكننا إنكار أن الليبرالية الحديثة كانت تعمل بشكل مقبول حتى أزمة عام 2007، حيث سجل بعدها العالم أكبر أزمة اقتصادية وتداعت له كثير من الاقتصاديات. ومنذ ذلك التاريخ لا يزال النمو الاقتصادي العالمي ضعيفا وهشا، وتشير بعض مراكز الأبحاث الاستراتيجية أن العالم مرشح لمزيد من النكسات، لكن هذه المرة في صورة تباطؤ اقتصادي يطول 90 في المائة من الدول، ما سيجعل صناع القرارات الاقتصادية أمام خيارات صعبة وأكثر تعقيدا.
النظام الاقتصادي الحالي لم يعد كافيا لمعالجة احتياجات الناس، كما أن أزمات هذا النظام تدور حول الديون بوصفها منشأ أساسيا لمعظم تلك الإخفاقات، أدى إلى سيطرة الشركات على الحكومات والمستهلكين، سواء في الاقتصاديات المتقدمة، حتى في الاقتصاديات الأقل تطورا، على الرغم من وجود تدخل حكومي محدود ونظام خاص بالمنافسة ونظام حماية للمستهلكين، لكن - مع الأسف - تظل تلك التشريعات والمبادئ ضعيفة أمام قوة الشركات والمصارف.
من المثير للاهتمام أن تعددية الأنظمة الاقتصادية لم يحفزها صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى التابعة للأمم المتحدة، على الرغم من وجود عدد من الدول التي تطبق مزيجا من النظم الاقتصادية، كما أن النظام الاقتصادي الحالي أدى إلى تدهور الطبقة المتوسطة وأصبحت نصف ثروة العالم يملكها 1 في المائة من البشر، واتسعت الفجوة المالية بشكل أكبر بعد عام 2008. وتبعا لذلك تراجعت مستويات العدالة الاجتماعية إلى أدنى مستوياتها رغم أن العالم لا يفتقر إلى الموارد، بل يفتقر إلى إدارة تلك الموارد وإدارة الإمكانات البشرية.
ما الذي يمنع قادة القوى الاقتصادية الكبرى والمؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ودول مجموعة العشرين، من دعم مراكز الأبحاث الدولية وبيوت الخبرة وكبار المفكرين الاقتصاديين والاجتماعيين من البحث عن نظام اقتصادي جديد يتسم بخصائص مميزات جديدة تحقق النمو الاقتصادي المتوازن وفق أسس عادلة؟
شخصيا، أعتقد أن الاقتصاد الإسلامي بوصفه نظاما اقتصاديا وليس مصرفية، مرشح ليكون بديلا محتملا للنظام الاقتصادي الحالي، وبشكل خاص بعد التطور الرقمي الهائل في مجال التجارة الإلكترونية والبيانات الضخمة والتطور غير المسبوق في التكنولوجيا، الذي غير قواعد اللعبة الاقتصادية.
وسيكون الاقتصاد الإسلامي نظاما اقتصاديا مثاليا إذا تم التغلب على التضخم وكتلة النقد في الأسواق عبر أدوات مبتكرة، مثل التحكم في دخل المستهلكين عن طريق تذبذب الأجور بدلا من التحكم في معدل فائدة البنوك المركزية، وزيادة معدل المشاركة في المشاريع الاستثمارية بدلا من تجارة المال المصرفي أو توفير النقود من النقود التي توجد الثراء من لا شيء.

إنشرها