Author

النفط الصخري .. هل هناك تغير؟

|
مستشار اقتصادي


على أثر الاعتداء على منشآت "أرامكو" عاد الجدل حول النفط الصخري مرة أخرى إلى الواجهة، هناك سيل من المعلومات واختلاف عن المألوف في النفط التقليدي ونزعة أمريكية خاصة في التسويق والتمويل تجعل المعلومات أحيانا بسبب كثرتها يصعب فرزها ووضعها في الإطار المناسب. ما زال النفط الصخري ظاهرة أمريكية في الأساس. أحد مصادر الجدل وربما درجة الغموض المعلوماتي القول إن أمريكا بدأت تصدر النفط، ما يوحي بأن هناك فائضا وكذلك هناك درجة من التلاعب غير المقصود في ذكر الأرقام أحيانا من نافذة المشتقات وأحيانا من نافذة الخام وأحيانا أخرى تشمل السوائل الغازية.
منذ بداية العقد الجاري وإنتاج أمريكا من النفط في تزايد ليصل إلى نحو 12 مليون برميل، نحو نصفها تقليدي، بينما استهلاك أمريكا يبلغ نحو 19 مليون برميل يوميا، لكن تجد البعض في الوسطين السياسي والإعلامي يريد أن يقول إن أمريكا مصدرة للنفط وهذا صحيح فنيا بعد تعديل القانون لأن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تقلصت وأيضا لأسباب فنية حيث بعض المصافي الأمريكية غير معدة لاستعمال النفط الصخري الخفيف ومرات بسبب عوامل النقل. لكن أمريكا لا تزال مستوردا كبيرا للنفط.
يبلغ استيراد أمريكا نحو حجم تصدير المملكة وتقريبا يعادل إنتاج العراق وإيران مجتمعتين. إنتاج أمريكا في 1970 كان 9.3 بينما يتوقع أن يصل متوسط 2019 إلى 12.2 وكان 11 مليونا في 2018. حاولت تقصي بعض الحقائق لمعرفة التطورات، على الرغم من المعلومات الكثيرة إلا أن البحث والرصد والتأكيد ليس سهلا، فهناك نواح دعائية ومالية وفنية تختلط كي تجعل الرصد الدقيق صعبا، فمثلا أرقام الإنتاج غالبا لا تفرق بين النقص في إنتاج النفط التقليدي وارتفاع الصخري، أو أن التصدير لدرجات مختلفة من النفط، وحقيقة أن أغلب شركات النفط الصخري لم تحقق أرباحا لأعوام طويلة، والظرف الاستثنائي بتوافر قروض بتكلفة قليلة في الأعوام المصاحبة لتطور النفط الصخري. هناك عدة تكوينات جيولوجية رئيسة للنفط الصخري في أمريكا اخترت ثلاثة منها لتتبع ارتفاع الإنتاج من خلال المركز، وعادة لا يذكر إنتاج كل تكوين بمفرده، لكن يذكر إنتاج الولايات حيث يمتد فيها كل تكوين EIA ومركز معلومات الطاقة Eagle، وهذا يمتد بين ولايتي نورث داكوتا ومونتانا، وكذلك تكوين Bakken سبب آخر لصعوبة الرصد، واخترت التكوين الذي يمتد من تكساس إلى نيو مكسيكو. وهناك تكوينات أخرى وهي تكوين Permian في تكساس، والآخر والأهم تكوين Ford. ويصعب التعامل مع الكل في مقال واحد، خاصة أن تكساس تحتوي على أهم تكوين. ارتفع إنتاج الخام في تكساس من 1.169 مليون برميل في اليوم في 2010 إلى 3.444 مليون برميل في 2015 ونحو 4.408 مليون برميل في 2018، وبحسب تكوين Bakken فإن أرقام نيومكسيكو للأعوام نفسها على التوالي هي 0.180 و0.405 و0.682، بينما الأرقام على التوالي لولاية شمال داكوتا هي 0.308 و1.177 و1.264، وبالنسبة لمونتانا الأرقام هي 0.69 و0.780 و0.59. من المبكر الحكم لكن يبدو أن هناك تطورا مهما في هذا العام.
ارتفع إنتاج أمريكا من النفط الصخري منذ نهاية 2016 إلى الآن تقريبا 3.65 وهذا تقريبا يعادل النمو في الاستهلاك العالمي ومن المتوقع أن يزيد حال إكمال بعض أنابيب الضخ. عدا إنتاج مونتانا يتضح أن هناك زيادة مطردة في الإنتاج على مدى العقد الجاري خاصة في تكساس ثم شمال داكوتا لكن السؤال: هل سيستمر الإنتاج في الارتفاع أم أن خصائص نضوب الحقول السريع للنفط الصخري ستبدأ التأثير في الأعوام القليلة المقبلة؟ وهل العوامل فوق الأرض أهم مثل الأسعار والاستثمارات والسياسات البيئية؟ لكن في ظل هذا التفاؤل حتى الحمى التسويقية حدث تطور مهم في النصف الأول 2019 من العام حيث سجل النمو في الإنتاج 1 في المائة كأقل نسبة خاصة أنها جاءت لأول مرة لأسباب فنية وليس لأسباب اقتصادية مقابل نمو وصل إلى 7 في المائة في النصف الأول من 2018. يشير بحث لمصرف ريموند جيمس إلى أن إنتاجية الحقول نقصت 10 في المائة في 2019 مقارنة بـ2018، ربما نكون أمام توجه جديد. أيا كانت العوامل والمؤثرات لا بد من متابعة التطورات، والاطمئنان على نمو الاستهلاك. ولذلك عدا النفط الصخري تبقى معادلة العرض في حدود مقبولة لمن يملك الاحتياطي والقدرة على الإنتاج.

إنشرها