Author

إيران .. مآس اقتصادية واجتماعية متعاظمة

|


تزداد الضغوط المعيشية على المواطنين الإيرانيين يوما بعد يوم، بفعل العقوبات الدولية "ولا سيما الأمريكية" المفروضة على النظام الإرهابي في البلاد. والدول التي تفرض هذه العقوبات تكرر دائما أنها لا تستهدف الشعب الإيراني بها، بل تجبر نظام علي خامنئي على التخلي عن استراتيجية الإرهاب والخراب التي يتبعها، وأن يتوقف عن التدخل في شؤون بلدان مستقلة، ويرعى مصالح شعبه، ويتوقف نهائيا عن تمويل العصابات والجماعات الإرهابية هنا وهناك. ويطالب الذين يفرضون هذه العقوبات بأن يتقدم هذا النظام إلى الأمام ويقبل بحوار سياسي طبيعي، يضمن لإيران أن تكون جزءا طبيعيا من المنطقة والعالم أجمع. لكن على مدى العقود الماضية أثبت هذا النظام أنه ليس معنيا بأي شكل من أشكال الحوار.
الوضع الاقتصادي في إيران يسير من سيئ إلى أسوأ والاقتصاد نفسه يقف على حافة هاوية سحيقة. والحق: إن الاستراتيجية الأمريكية بهذا الخصوص باتت تحقق أهدافها، ولا سيما على صعيد تناقص موارد النظام الإيراني المالية إلى درجة خطيرة. فالصادرات النفطية باتت قريبة من الصفر، والدول التي كانت تتعامل مع هذا النظام فضلت الهروب على أن تكون تحت رحمة غضب الإدارة الأمريكية. حتى الأوروبيون الذين يفسحون المجال أمام نظام الملالي للاستمرار، صاروا أكثر تشددا الآن من ذي قبل، خصوصا بعد أن تأكدوا أن إيران ليست مهتمة بأي حوار سياسي عاقل، فضلا عن خشيتهم من غضب أمريكي مورس بالفعل في السابق على الشركات الأوروبية التي دفعت أثمانا باهظة لكسرها جانبا من العقوبات المفروضة.
حراك الأعمال آخذ في التوقف في إيران على مختلف الأصعدة، حتى المقاهي العادية باتت عاجزة عن دفع إيجاراتها، والسبب معروف، وهو أن الإيرانيين لا يملكون ما يدفعونه ثمنا لفنجان قهوة أو زجاجة مياه. وتعاني المدن الكبيرة في هذا البلد مصائب كثيرة، بما في ذلك موجات من الهجرة منها إلى مناطق صغيرة أو حتى إلى الأرياف. فهؤلاء يبحثون عن مناطق أقل تكلفة بعد أن تقلصت مداخيلهم وبات الغلاء يأكلها من كل جانب. وفي الأعوام القليلة الماضية اعترفت الحكومة بأن عدد الإيرانيين الذين تحولوا للسكن في الكهوف ارتفع بصورة مرعبة، وعانى موظفون في مؤسسات حكومية تأخر رواتبهم التي لم تعد تساوي شيئا مع تدهور قيمة العملة الوطنية إلى أدنى مستوى لها في تاريخها.
ومنذ العام الماضي انخفضت قيمة الريـال الإيراني بنحو 60 في المائة، بينما بلغ التضخم أكثر من 42 في المائة، في حين تؤكد جهات دولية مستقلة أن هذا التضخم أكبر مما هو معلن من جانب المؤسسات الإيرانية الحكومية. كل هذا يحدث بينما ارتفعت أسعار المنازل أكثر من 82 في المائة، وزادت الإيجارات 30 في المائة. فضلا عن نقص في بعض الإمدادات، ومنها الدوائية. ويرى مسؤولون إيرانيون أن موجات الهجرة من المدن إلى الأرياف والمناطق النائية تعد وصفة لأزمات اجتماعية خطيرة ستظهر قريبا على الساحة. كل هذا يحدث بسبب الاستراتيجية المشينة التي يتبعها النظام الإرهابي في طهران. فهذا النظام لا يهتم بشعبه، وكل أولوياته أن يواصل تمويل الإرهاب والحروب هنا وهناك.
المرحلة المقبلة ستحمل معها مزيدا من الأزمات لهذا النظام، خصوصا مع الضربات المتلاحقة الآتية من العقوبات الدولية المفروضة عليه. فهو الآن نظام لا يستطيع حتى تصدير برميل واحد من النفط، وإن نجح أحيانا في ذلك، فهو يعتمد على العصابات وقطاع الطرق في تهريب هذه السلعة. إن مستقبل إيران مظلم بقدر شرور النظام الذي يحكمها.

إنشرها