Author

أم سليمان

|


قصة أم سليمان واحدة من تلك القصص الإنسانية التي تصلني عبر بريدي الإلكتروني. تقول أم سليمان،
تستفزني رسائل الجوالات التي تسخر من الزوجة الثانية، وتشبه زواج الرجل بها، وكأنه ارتكب كارثة في حق الزوجة الأولى، وتتجاوز ذلك بوصف الرجل بالخيانة "وقلة الخاتمة"، لذلك أحببت أستاذة سلوى أن تتشاركين وقراؤك الكرام قصتي. زوجني والدي حين بلغت 15 عاما من ابن صديقه دون أن يستشيرني، وعشت مشكلات لا تعد ولا تحصى مع والدته وشقيقاته، وتطلقت بعد سنتين وأنا في الـ19 من عمري، وقررت ألا أسمح لأحد أن يلغي كياني كإنسانة لها حق الرفض والقبول، أكملت دراستي الثانوية والجامعية ثم تخرجت وتوظفت معلمة، انتظرت أن يدق بابي أحدهم طلبا للزواج، لكن ذلك لم يحدث، فنحن في مجتمع لا يرحم، وكونك تحملين لقب مطلقة، فذلك كفيل بنسف أحلامك بالارتباط بشاب لم يسبق له الزواج، مهما كنت صغيرة في العمر، رضيت بما كتبه الله لي، وكنت أودع شقيقاتي الأصغر مني الواحدة تلو الأخرى، وكل واحدة تزف إلى زوجها. وحين بلغت الـ30 من عمري زارتنا إحدى جارات أمي "أم سليمان" كانت في الـ50 من عمرها. امرأة في غاية الطيبة واللطف ونقاء الروح، فوجئت بها تخطبني لزوجها، جميعنا كنا نعرف أنها عقيم لا تنجب وزوجها رفض ضغوط أهله للارتباط بغيرها، لا أدري كيف سخرني الله سبحانه للموافقة على طلبها، أكان قدرا ذلك أم اختيارا؟ لا أدري، وتزوجت من أبي سليمان، ولم تمر سوى بضعة أشهر حتى حملت بطفلي الأول وإكراما لها وله أسميته سليمان، وسارت بنا السنون والأيام حتى أتممت الأسبوع الماضي 20 عاما من زواجي أنجبت خلالها أربعة أبناء وثلاث بنات، أكبرهم الآن في الجامعة وأصغرهن في الصف الثاني الابتدائي. نعيش كلنا في بيت واحد. عوضتني أم سليمان عن عطف واهتمام والدتي التي توفيت بعد زواجي بخمسة أعوام. جميع أبنائي يبرون بها كما يبرون بي وينادونها "يمه"، بل أحيانا أشعر أنهم يحبونها أكثر مني وهذا الأمر يسعدني، لم أتعمد يوما إثارة غيرتها الزوجية واستخدام كيد النساء. زوجي يعشق أم سليمان أكثر مني ولا أشعر بالغيرة إطلاقا فهي تستحق ذلك.
ضرتي هي أمي وصديقتي وأم أولادي "وربي ما يخليني منها"!
ليت مجتمعنا لا يعمم أحكامه الجائرة بحق الزوجة الثانية.. فليست كلهن "خرابات بيوت"!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها