Author

تجارة الخدمات في 2018

|


سجل إجمالي قيمة الخدمات المتبادلة بين دول العالم مستوى قياسيا جديدا في 2018، حيث وصل إلى 5.8 تريليون دولار حسب بيانات صادرات الخدمات لدول العالم، بينما كان 5.5 تريليون دولار للعام نفسه حسب بيانات واردات الخدمات لدول العالم. ويرجع الاختلاف على ما يبدو بين بيانات الصادرات والواردات إما لمبالغة بعض البلدان لقيم صادراتها أو خفض تقدير الواردات. وشهدت تجارة الخدمات العالمية نموا جيدا خلال الأعوام الماضية بعد سريان اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ذات العلاقة التي خففت كثيرا من القيود على تبادل الخدمات بين بلدان العالم وأسهمت في التحرير الجزئي لتبادل كثير منها. ونتيجة لذلك تضاعفت تجارة الخدمات العالمية في 2018 مقارنة بمستوياتها في 2005.
تربعت الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول المصدرة والمستوردة للخدمات بأكثر من 808 مليارات دولار للصادرات، ونحو 536 مليار دولار للواردات في 2018، كما حققت أكبر فائض عالمي في تجارة الخدمات. جاءت المملكة المتحدة في المركز الثاني عالميا في صادرات الخدمات التي وصلت إلى 373 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها 230 مليار دولار. احتلت ألمانيا المركز الثالث في صادرات الخدمات تلتها فرنسا، أما الصين فقد حلت خامسا في صادرات الخدمات، لكنها استوردت خدمات مقاربة في قيمتها لواردات الولايات المتحدة محتلة المركز الثاني في قيمة واردات الخدمات العالمية خلال 2018.
يتطلب معظم أشكال تجارة الخدمات وجود شركات أو أشخاص في الدول الأخرى، ومن الأمثلة على ذلك خدمات المصارف والتأمين الأجنبية. وتشمل تجارة الخدمات خدمات السفر، والنقل، والاتصالات، والخدمات المالية بشتى أشكالها، والبناء والتشييد، والخدمات المرتبطة بتجارة السلع، والحاسب، والمعلومات، وحقوق الملكية الفكرية والتأليف، وتراخيص الإنتاج، وفروع الامتياز، وخدمات الأعمال، وشبكات التسويق والتأجير، والخدمات المهنية كالاستشارات الهندسية والقانونية والطبية. وتقسم منظمة التجارة العالمية الخدمات على أساس أساليب توفيرها من قبل المنتجين، حيث يمكن تبادل الخدمات مباشرة عبر الحدود كالاتصالات، أو من خلال ذهاب المستهلكين للبلد المنتج لها كالسياحة والدراسة، أو عبر وجود المنتجين الأجانب للخدمة في البلد الأجنبي كالمصارف والفنادق، أو من خلال وفود قوى عاملة أجنبية في البلدان كالخدمات الطبية الأجنبية والإنشاءات وشركات الاستشارات.
مثلت خدمات السفر التي تتكون بشكل رئيس من السياحة حيزا مهما في مجال تجارة الخدمات. وقد بلغت صادرات العالم من خدمات السفر نحو 1437 مليار دولار في 2018. جاءت الولايات المتحدة في المركز الأول عالميا بنحو 214 مليار دولار، تلتها إسبانيا وفرنسا. أما خدمات النقل فقد لعبت دورا مهما في صادرات الخدمات العالمية حيث بلغت قيمتها أكثر من تريليون دولار في 2018. وجاءت الولايات المتحدة في المركز الأول في تجارة خدمات النقل تلتها ألمانيا ثم سنغافورة وبعدها فرنسا ثم الصين. وتتأثر خدمات النقل بحجم تجارة السلع حيث تتغير مع تغيرات مستويات تبادل السلع بين دول العالم.
من أبرز الخدمات المتبادلة بين دول العالم الخدمات المالية التي قارب حجم تجارتها في 2018 نصف تريليون دولار، ذهب نحو 40 في المائة منها للولايات المتحدة والمملكة المتحدة أكبر مصدرتين للخدمات المالية في العالم، وجاءت لكسمبورج وسنغافورة في المركزين الثالث والرابع عالميا. من جهة أخرى يثور كثير من النقاش عالميا حول حقوق الملكية الفكرية التي بلغت قيمة صادراتها أكثر من 400 مليار دولار في 2018، وجنت الولايات المتحدة منها نحو 130 مليار دولار العام الماضي، وهذا يفسر الحماس الذي تبديه الولايات المتحدة للالتزام بأنظمة حقوق الملكية الفكرية. بعد أمريكا حلت هولندا واليابان ثانيا وثالثا في عوائد حقوق الملكية الفكرية ثم سويسرا وسنغافورة. أما خدمات المعلومات والاتصالات والحاسب فقد فاقت قيمتها 600 مليار دولار في 2018. احتلت إيرلندا رأس القائمة بما يقارب 101 مليار دولار ثم الهند بنحو 58 مليار دولار تلتها الصين بنحو 47 مليار دولار ثم الولايات المتحدة بنحو 44 مليار دولار.
توضح البيانات احتلال دول معينة مراكز متقدمة في تجارة الخدمات. وتتصف تلك الدول بوجه عام بكبر اقتصاداتها، وتطور قطاعات خدماتها، واشتداد المنافسة فيها، وتقدمها وميزاتها النسبية في معظم قطاعات الخدمات. وتقف الولايات المتحدة على رأس هذه الدول ثم بعض الدول الأوروبية والصين والهند. وحققت الهند مركزا متقدما في المجالات المتصلة بخدمات الكمبيوتر بسبب تفوق مواردها البشرية العاملة في هذه المجالات. هذا وقد برزت بعض الدول الصغيرة نسبيا على المستوى العالمي وحققت مراكز قوية في بعض تجارة الخدمات ومن تلك الدول سنغافورة التي لم يمنعها صغر حجمها من منافسة الدول الكبرى في كثير من قطاعات الخدمات. أما على مستوى منطقتنا فتحتل دولة الإمارات رأس قائمة دول المنطقة في صادرات الخدمات، لكنها تستورد خدمات بقيم مقاربة لقيم صادراتها. ومن الملاحظ أن قيم صادرات وواردات الخدمات في كل من سنغافورة والإمارات العربية المتحدة مرتفعة بالنسبة لحجم اقتصاديهما ومتقاربة في الوقت نفسه وهذا قد يكون ناتجا من كونهما مركزين لإعادة تصدير الخدمات.

إنشرها