Author

كيف تنجح برامج التخصيص اقتصاديا؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


قناعة المجتمع في أي دولة تعد جزءا من إدارة التغيير، ولا سيما عندما ترغب الحكومات في التحول إلى أسواق حرة بوتيرة أسرع عن طريق الاعتماد على شركات لتقديم خدمات للمواطنين بدلا منها؛ مثل مشاريع المياه والصحة والطاقة والنفايات الصلبة، وغيرها من المشاريع ذات الكثافة المالية العالية في التأسيس والتشغيل؛ لذا تلجأ الحكومات إلى بيع أصولها الإنتاجية إلى القطاع الاستثماري للتخلص من ارتفاع التكاليف في الميزانية العامة. إلا أن تجربة التخصيص تحتاج إلى رؤية واضحة وفهم اقتصادي عميق؛ لتحسين الخدمات وتعزيز الرخاء والازدهار للاقتصاد والمواطنين عبر برامج تخصيص الخدمات العامة. من هذا المنطلق سأسلط اليوم الضوء على بعض المرتكزات التي تضمن لنا تخصيصا آمنا وتحولا اقتصاديا خاليا من أي صعوبات أو مشكلات غير منظورة حاليا، لكن قد تظهر مستقبلا دون أن نجد لها تفسيرا واضحا.
أولا: تحسين الإنتاجية عن طريق التقنية وتخفيض تكلفة الإنتاج. ما لم تستطع الشركات الاستثمارية عمل ذلك، فإن التخصيص لن يوجد المنافسة التي تسهم في خفض التكاليف وزيادة الأرباح على المديين القصير والطويل؛ ثم إن إخفاق الشركات في ذلك سيؤدي إلى طلبها دعما ماليا من الحكومة أو رفع الأسعار إلى مستويات ترهق السوق نتيجة الاحتكار وما يتبع ذلك من تضخم، ويصبح التخصيص نقل ملكية الأصول لا غير؛ وسيجعل خيارات الحكومة أكثر صعوبة اقتصاديا.
ثانيا: يجب أن تستخدم أموال بيع الأصول الحكومية في تعزيز الموارد وتنمية الاستثمار، مع ضرورة عدم استخدام الأموال المحصلة من التخصيص في بنود مصروفات جارية للموازنة العامة؛ لأن ذلك سيؤدي إلى تآكل الكتلة النقدية وما يتبع ذلك من مشكلات في الميزانية وسيقلص من منافع التخصيص، وتصبح الدولة بحاجة إلى قروض أو أموال إضافية من الاحتياطي العام للمشاريع الرأسمالية.
ثالثا: نظريا، يحق للشركات الأجنبية تمويل التخصيص من خلال الأسواق المالية الداخلية؛ لذا فإن التمويل من الداخل وتحويل الأرباح إلى الخارج سيؤدي إلى عجز في ميزان المعاملات الرأسمالية للدولة عبر ميزان المدفوعات؛ ما يجعل الدولة مرة أخرى مضطرة إلى الدين أو السحب من الاحتياطي؛ ولمنع حدوث ذلك يجب أن تكون هناك قيود غير مباشرة لإعادة استثمار الأرباح في الداخل أو أي سياسات أخرى تضمن بقاء الأرباح داخليا.
رابعا: ضمان مكافحة بطالة المواطنين والفقر معا ومنح أجور عالية؛ لأن أي اختلال في ذلك سيؤدي إلى مشكلات في حسابات رواتب التقاعد والتأمينات الاجتماعية وشركات التأمين، بسبب ضعف الاشتراكات ووجود خلل في حماية الطبقة المتوسطة، ويصبح هناك اقتصاد قوي ومستهلكون غير قادرين.
خامسا: منح التخصيص لشركات قادرة على الإدارة المحترفة ودخول الأسواق المالية المحلية عبر الاكتتاب، لأن الشركات العائلية قد تصبح حجر عثرة وترفض دخول الأسواق المالية، وقد تفشل المنافسة وتصبح السوق محتكرة، وتصبح الدولة مضطرة إلى مفاوضة تلك الشركات.

إنشرها